Page 62 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 62

‫إبداع ومبدعون‬                                          ‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪60‬‬

‫شعــر‬                                                  ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

‫ديمة محمود‬

‫رأ ٌس أبيض‬

                             ‫وأ ّمه تلاحقه ف ِرحة‬       ‫صحوت بعد زم ٍن طويل لأجد رأسي الذي انفصل‬
                                   ‫جعلني أتأ ّمل‬                                     ‫عنّي دون أن أنتبه‬

‫أليس هذا أفضل بكثير من أن يبقى ذلك الرأس عبئًا‬             ‫رأيته في الطريق الذي يصل بيني وبين عتب ٍة في‬
                         ‫يثقلني بالتعب والصحو‬                                                  ‫الحسين‬
                               ‫بينما هما فرحان‬
                                                                ‫قرب قب ٍة خضراء تتك ّوم حذر ًة إلى جواره‬
                    ‫وأنا خفيف ٌة الآن‪ ،‬خفيف ٌة ج ًدا‪.‬‬     ‫وهو الذي لم يكترث يو ًما ببركات الصالحين ولا‬

                    ‫يمكنني مث ًل أن أصحو فارغ ًة‬                                             ‫بكراماتهم‬
            ‫لا أفكر بالتحديد بقائمة ما ينبغي فعله‬                           ‫عرفته من ندب ٍة أسفل الجبين‬
                                                       ‫تلمع كخثرات الج ّز الباتر بس ّكي ٍن تترجف من البرد‪.‬‬
                               ‫لا بمواعيد أبنائي‬
                              ‫ولا تحضير الغداء‬                          ‫صحي ٌح أ ّنني لم أفتقد هذا الرأس‬
           ‫ولا موعد العامل الذي سيصلح الح ّمام‬                ‫لكن منذ رأيته هناك صرت أ ّتخذ الذهاب إلى‬
             ‫ولا بالخضار التي يجب علي شراؤها‬
    ‫ولا بما عليّ دفعه من فواتير كهرباء وماء وغاز‬                                    ‫الحسين ح ّج ًة لأراه‬
               ‫ولا بالطعنة التي س ّددها لي أحدهم‬                                     ‫ور ّبما كان العكس‬
                 ‫ولا بالتعليق السمج عن صورتي‬           ‫ر ّبما كنت أتح ّجج به لألصق ذاتي بالقاهرة الفاطميّة‬
    ‫ولا بالشمس لماذا تص ّر أن تظهر علينا ك ّل يوم‬                              ‫ملاذي في نوبات الوحدة‪.‬‬
     ‫ولا بالله لماذا لا يح ّل مشاكلنا ومشاكل العالم‪.‬‬
                                                                             ‫على أية حا ٍل لم أكن أواجهه‬
  ‫في اليوم الذي رأيت فيه الصبية يلعبون كرة قد ٍم‬                                  ‫لم أحدثه علنًا ولا م ّرة‬
                          ‫برأسي قهقه ُت بجنون‬
                                                                              ‫وكنت أتجنّب أن يشعر بي‬
                     ‫ولمّا انتبهت لطم ُت فمي بق ّوة‬                        ‫ظل ْلت زمنًا أروح وأرقبه بخ ّفة‬
                   ‫تو ّجعت بره ًة ثم ظللت فرحان ًة‬
        ‫ماذا لو (شات) محمد صلاح رأسي بقدمه‬                                               ‫لا أطيل المكوث‬
                 ‫هل سيصبح رأسي عالميًّا كقدمه‬                  ‫وأقضي وقتي جلّه بين أز ّقة وعطفات المع ّز‬
           ‫أم أنه سيبصق عليّ لو تم ّكن من لقائي‬
            ‫ويقول لي‪ :‬موتي بغيظك يا بنت الكلب‬                          ‫هل كنت أخشى مث ًل من تعلّقي به‬
‫أفرغتِني طوال أربعين عا ًما من الاهتمامات الكرو ّية‬                           ‫أنا بالأساس لم أكن أعرف‬
        ‫وبركل ٍة من حذاء صلاح صر ُت أثمن منك‪.‬‬                                      ‫هل أنا مرتاح ٌة بدونه‬
                                                                                 ‫أم أ ّنني أريده أن يعود‪.‬‬

                                                        ‫الطفل الذي رأيته مر ًة يدحرج رأسي بقدمه سعي ًدا‬
   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67