Page 183 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 183

‫الملف الثقـافي ‪1 8 1‬‬

     ‫اقتنع التيار الرئيسي في‬         ‫الحظر القضائي ليصبح‬         ‫‪ 2002‬جولة مدتها ‪ 50‬سنة‪.‬‬
‫الغرب أن هؤلاء هم البديل في‬          ‫رئي ًسا للوزراء‪ .‬ووصف‬       ‫لم تخ ُل العلاقات من العوائق‬
 ‫الشرق الأوسط‪ .‬في ديسمبر‬
                                        ‫باراك أوباما أردوغان‬          ‫(أبرزها الغضب المتبادل‬
      ‫‪ 2002‬قال نائب وزير‬            ‫بأنه أحد زعمائه الخمسة‬       ‫بشأن احتلال قبرص في عام‬
‫الدفاع بول وولفويتز‪ُ « :‬تظهر‬       ‫المفضلين‪ ،‬وامتدحه دونالد‬      ‫‪ ،)1964‬لكنها في رأي بايبس‬
                                      ‫ترامب واسترضاه‪ .‬يدل‬         ‫كانت بسيطة وجيدة‪ :‬بقيادة‬
     ‫تركيا الحديثة أن النظام‬       ‫الود الدائم لهؤلاء الرؤساء‬
  ‫الديمقراطي متوافق بالفعل‬           ‫الثلاثة غير المتماثلين على‬       ‫واشنطن‪ ،‬تليها أنقرة(‪.)3‬‬
                                     ‫إحجام البيت الأبيض عن‬           ‫الحقيقة أن التغاضي عن‬
    ‫مع الإسلام»‪ .‬الأشخاص‬          ‫الاعتراف بالتغيرات الكبيرة‬        ‫هذا الاحتلال التركي لجزء‬
‫الذين يتشاركون قيم الحرية‬                                         ‫من بلد أوروبي غربي‪ ،‬كانت‬
‫والديمقراطية التي نشأت عن‬                        ‫في تركيا(‪.)5‬‬       ‫خطيئة سيدفع الغرب فيما‬
                                                                 ‫بعد ثمنها غاليًا كما سيتضح‬
  ‫الحضارة الأوروبية‪ ،‬يرون‬        ‫الحاكم التركي المتدين‬
 ‫بشكل متزايد أن هذه ليست‬         ‫الذي لا يعادي الغرب‬                               ‫فيما بعد‪.‬‬
                                                                 ‫بحلول عام ‪ 1991‬وبعد انهيار‬
     ‫مجرد قيم غربية أو قيم‬         ‫وزاد الاحتياج إلى النموذج‬
 ‫أوروبية‪« .‬إنها قيم إسلامية‬            ‫التركي بعد هجمات ‪11‬‬          ‫الاتحاد السوفييتي‪ ،‬كانت‬
   ‫وآسيوية أي ًضا»‪ .‬في يوليو‬                                     ‫هناك حاجة إلى نموذج جديد‪،‬‬
‫‪ 2011‬قالت وزيرة الخارجية‬           ‫سبتمبر ‪ .2001‬بينما كانت‬
  ‫هيلاري كلينتون إن الإدارة‬          ‫إدارة جورج دبليو بوش‬          ‫وكانت تركيا جاهزة‪ .‬بدأت‬
                                                                 ‫تركيا بنشاط في تقديم نفسها‬
     ‫«ترحب بصعود تركيا‪..‬‬           ‫تتابع الحرب في أفغانستان‬      ‫في عهد رئيس الوزراء التركي‬
  ‫كقائد في المنطقة وخارجها‪،‬‬         ‫وتخطط لغزو العراق‪ ،‬كان‬       ‫آنذاك سليمان ديميريل لدولة‬
  ‫وكحليف مهم في التحديات‬            ‫الغرب بحاجة لأن يفصل‬
‫العالمية الأكثر إلحا ًحا»‪ .‬كانت‬  ‫محاربته للإرهابيين المسلمين‬       ‫ذات أغلبية مسلمة «نموذج‬
 ‫إدارة أوباما تأمل في التأكيد‬       ‫عن «الإسلام»‪ ،‬وهنا تقدم‬            ‫للديمقراطية والعلمانية‬
                                   ‫أردوغان ومن معه ليقدموا‬            ‫واقتصاد السوق الحر»‬
     ‫على التطور الديمقراطي‬          ‫أنفسهم باعتبارهم الحكام‬
‫لتركيا كنقطة مرجعية إقليمية‬                                       ‫وسعى بالطبع للحصول على‬
                                        ‫المسلمين «المتدينين»‪،‬‬                  ‫دعم الغرب(‪.)4‬‬
   ‫وإضافة أساسية للتحالف‬              ‫الذين لا يعادون الغرب‪،‬‬
           ‫المناهض لداعش‪.‬‬           ‫ويحاربون الإرهاب‪ ،‬وهو‬           ‫لكن كان هناك تحول كبير‬
                                   ‫ما فعله الإخوان في الشرق‬           ‫مع تولي حزب أردوغان‬
  ‫في وسائل الإعلام الغربية‪،‬‬          ‫الأوسط في الوقت نفسه‪،‬‬           ‫السلطة عام ‪ .2002‬ففي‬
        ‫كان النموذج التركي‬           ‫نحن البديل «الإسلامي»‬              ‫مارس ‪ ،2003‬رفض‬
                                    ‫للتنظيمات الإرهابية‪ .‬نحن‬          ‫البرلمان التركي السماح‬
   ‫يعني أشياء مختلفة لكتاب‬       ‫تركيا العلمانية والديمقراطية‬
   ‫مختلفين‪« :‬زواج الحريات‬           ‫لدولة ذات أغلبية مسلمة‪.‬‬       ‫للقوات الأمريكية باستخدام‬
‫الديمقراطية بالدين»‪ ،‬التعايش‬       ‫نحن «الإخوان» الذين نقبل‬          ‫الأراضي التركية كقاعدة‬
                                     ‫بالديمقراطية ولا نعادي‬          ‫للحرب ضد نظام صدام‬
      ‫بين الإسلام السياسي‬         ‫إسرائيل ومستعدين لتحقيق‬              ‫حسين في العراق‪ .‬لكن‬
  ‫والجيش العلماني المتحالف‬           ‫مصالح الغرب‪ .‬وبالفعل‬
   ‫مع الناتو»‪ .‬في عام ‪2002‬‬                                       ‫تجاهل المسؤولين الأمريكيون‬
  ‫وصل الأمر بصحيفة وول‬                                           ‫هذا الرفض‪ .‬وواصل الرئيس‬
‫ستريت جورنال إلى أن تعتبر‬
‫تركيا «نموذ ًجا للتقدم»‪ .‬كتب‬                                       ‫جورج دبليو بوش علاقاته‬
   ‫هيو بوب مراسل صحيفة‬                                               ‫الوثيقة مع أردوغان‪ ،‬بل‬

    ‫وول ستريت جورنال في‬                                           ‫وساعده شخصيًّا في تجاوز‬
   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188