Page 203 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 203
201 تجديد الخطاب
بين (الذاتي) و(الموضوعي) ،وفي أمثال الحلاج والنفري والجنيد والتقليد .لم يكن رفعت س َّلم في
النظر إلى التاريخ باعتباره وحدة وابن عربي ،وفي نماذجه المتفردة هذا الزمن المبكر إلا فتًى مبهو ًرا
متحققة في الحاضر ،بلا فاصل أمثال عمر بن أبي ربيعة وجميل ومأخو ًذا بمثال شعري ومثقف
وأبي نواس وابن الرومي والمتنبي
بين ما ٍض وحاضر ومستقبل.. عضوي كبير ،وربما لم يكن
فقد كانت توجهاتي واضحة منذ وأبي تمام وأبي العلاء؟ وهل يدري أن من مطويات هذا المثال
نفهم توجه رفعت س َّلم نحو
ديواني الأول (وردة الفوضى ترجمة الشعر الروسي (بوشكين، فتنته بالتراث التي قادته إلى
الجميلة) ،وجاءت الترجمة فأكدت وليرمونتوف ،وماياكوفسكي)، مجنون ليلى كما قادته إلى الحلاج،
والشعر اليوناني (ريتسوس ومن قبل إلى الشعراء ذوي المحن
هذه التوجهات وعمقتها»( .من وكفافيس) ،والشعر الفرنسي
حوار الشاعر المنشور في المصري والمواقف الإنسانية والوجودية
(بودلير ورامبو) ،والشعر العليا أمثال امريء القيس ،وطرفة
اليوم بعد رحيله /12 /6 الإنجليزي (والت ويتمان) على
)2020هذا الديوان الأول الذي غرار ما فعل عبد الصبور مع وجميل وبشار وأبي نواس
رعاه عبد الصبور وأوصى بطبعه شعراء العالم الغربي وعلى رأسهم وأبي تمام والمتنبي وأبي العلاء.
وغيرهم ممن ضمهم كتابه «قراءة
ونشره. إليوت؟ جديدة لشعرنا القديم» ،وقد كان
وفتنة رفعت س َّلم بعبد الصبور لقد كان عبد الصبور مسكو ًنا صلاح عبد الصبور أكبر مفتون
بإليوت الشاعر والناقد والمسرحي
على هذا النحو وجه من وجوه بالتجربة الجديدة وبالقلق بما يكمل دائرة الوعي بالتراث
الفتنة بالتراث الشعري العربي الوجودي في كتابة نص
وغير العربي ،ووعي مبكر بأن الإنساني.
الكتابة ليست ركا ًما يضاف إلى شعري على غير مثال مسبوق، هل نعد هذه الفتنة بصلاح عبد
قوامه الوعي بثقافة الإنسان الصبورُ »- :كن ُت أبدأ خطواتي
ركام السابقين ،بل هي بحث على اختلاف أزمانه وأماكنه
دائم عن سبيل مفرد ،وعن الجادة في اكتشاف العالم
وحضاراته .وكان رفعت س َّلم والقصيدة ،وأحفظ مقاطع كامل ًة
جمال مختبيء في طيات الوجود، يرى أن اختياراته الشعرية من (أحلام الفارس القديم) و(لي َل
وتدعيم لبقاء الإنسان على
الأرض. التي ترجمها« :أكدت لي (له) والمجنون) ،أرددها بيني وبين
ما كان حد ًسا لي ،بلا يقين ،في نفسي لحظات الوحشة والانفراد.
س َّلم وأدونيس السبعينيات :أن الأفق الشعري
وكان -في ذلك الحين -يبدو
ولعل هذا الوعي المبكر الذي ليس واح ًدا ،فهناك آفاق بلا نج ًما بعي ًدا ُيضيء المتاهة ،أرى
دعمه اتساع الرؤية باتساع حدود؛ وأن شك ًل شعر ًّيا ما لا صورته في المجلات ،ف ُأفتش فيها
الأفق بالترجمة والتجريب ،هو يمكن أن يصادر بقية الأشكال؛ عن مكمن الطاقة الذي تنفجر منه
ما دعا رفعت س َّلم إلى قراءة وأن النص الشعري احتما ٌل ،لا القصيدة جارح ًة ،أليم ًة ،واخز ًة.
(الثابت والمتحول :بحث في الاتباع يقين؛ وأن (وحدة العمل الشعري) وتتحول قصائده الجديدة إلى
والإبداع عند العرب) ،فقد كتب
رفعت س َّلم دراسة ثرية تحت لا تلغي (تعددية) الأصوات ترانيم وأناشيد يومية مفعم ًة
عنوان (بحثًا عن التراث) ،كما داخل العمل؛ وأن ما تم امتلاكه بالأسى والعزاء الوجودي
كتب دراسة أخرى تحت عنوان شعر ًّيا لا بد أن يستهدف المجهول
(بحثا عن المنهج) ،وفي الدراستين شعر ًّيا ،لاكتشاف -أو اختراع- الجميل» من مقال لرفعت س َّلم
آفاق أخرى بلا خطوط أو حدود عن صلاح عبدالصبور منشور
يفتش عن المنهج وأصوله
وإجراءاته ونتائجه .الأولى يبحث مسبقة التجهيز. في المصري اليوم /8 /14
فيها عن صورة التراث كما وعاه وأكدت لي اختياراتي الشعرية في -2015مدخ ًل تفسير ًّيا لفتنة
رفعت س َّلم بالتراث الشعري
أدونيس في مشروعه العريض المزج بين (العام) و(الخاص)، العربي في نماذجه غير التقليدية،