Page 99 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 99
97 إبداع ومبدعون
شعر
استأذنته في الانصراف ،كان يجلس على كرسي وظهره لباب الشقة،
قبل أن أخرج بخطوة ،جاءني صوته« :شك ًرا يا أحمد» جمدت في
مكاني فكررها« :شك ًرا يا أحمد».
رغم الامتنان الطاغي الذي ظهر في كلمته؛ فقد وصلت الرسالة:
«سأموت وأنا را ٍض عنك» لكن ما أبكاني ح ًّقا أنني تيقنت مما خفته:
«هذا لقاؤنا الأخير».
الأحد السادس من ديسمبر 2020في الثانية عشرة ظه ًرا يسترد الله
وديعته ،وفي الثانية والنصف يدخل الجسد بيته الأخير ..مات رفعت
سلام..
()1
غني يا ربة الشعر للرجل الذي رأى فكتب فأسس حدائق مترامية
الأطراف ،لم يكن جلجامش يعرف أن الفن هو الباقي فبكى عشبة
الخلود الضائعة ،لم يستطع أخيل أن يخفي كعبه فقتله سهم من
جبان ،لكن رفعت عرف منذ اللحظة الأولى ما هو مقبل عليه فقالِ « :ل
أن أخ َت ِر َع التَّـا ِريخ| َو َله أن ُيذ ِع َن ِل».
غني يا ربة الشعر للغضب النبيل وللفن النبيل ..كان هنا هوميروس
وامرؤ القيس وأبو تمام والمتنبي وما لارميه ورامبو وبودلير وجوته
وشيلي وشوقي وويتمان وإليوت وريتسوس وصلاح عبد الصبور
ورفعت سلام..
كان هنا الشاعر الذي قدم سبعة دواوين لافتة ،من وردة الفوضى
الجميلة إلى أرعى الشياه على المياه ،كان هنا المترجم الذي أعطانا
أعمال كبار شعراء الحداثة ومنها خماسية الكبار ،ومنها دواوين
منفردة..
غني يا ربة الشعر للشاعر ،ولنبك نحن ..رج ًل يستحق البكاء
والبقاء ..رج ًل عاش بقلمه لقرائه ..غني يا ربة الشعر أو ابكي..
فسيان في وداع الأحبة الغناء أو البكاء ..غني من وردة الفوضى
الجميلة وكأنها نهاية الأرض وإلى النهار الماضي ،وهكذا تكلم
3