Page 138 - m
P. 138

‫العـدد ‪57‬‬   ‫‪136‬‬

                                                      ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

     ‫لا نجد من يدخل في زمرة الشاعرات إلا الإماء‬       ‫التجربة الشعرية من منظور تاء‬
 ‫والجواري والقيان‪ ،‬اللائي يصلنا منهن شوارد من‬                     ‫التأنيث‬
  ‫الأبيات والمقطعات‪ ،‬كما في «الأغاني» للأصفهاني‪.‬‬
                                                          ‫غالبا ما كانت الممارسة الشعرية حبيسة الذات‬
   ‫فمعظم الأشعار المنسوبة للنساء في معظم الكتب‬             ‫الفردية الذكورية على اعتبار أن المجتمع يسير‬
   ‫والمختارات الشعرية الخاصة بهن‪ ،‬مثل‪« :‬أشعار‬         ‫نحو كل ما هو مذكر‪ ،‬فيجعله يستنطق كل الأشياء‬
‫النساء» للمرزباني‪ ،‬و»الإماء الشواعر» للأصبهاني‪،‬‬          ‫ويشجعه على إثبات وجوده في كل المجالات على‬
                                                         ‫اعتبار أن المجمع يساوي الفرد الحي القادر على‬
     ‫و»نزهة الجلساء في أشعار النساء» للسيوطي‪،‬‬           ‫الإبداع أو إثبات رأيه من خلال الكتابة الإبداعية‪.‬‬
‫و»الحدائق الغناء في أخبار النساء» للمالقي‪ ،‬لا تعبر‬     ‫في الحقيقة هذا السلوك ظل حك ًرا على المذكر‪ ،‬لكنه‬
‫في الحقيقة سوى عن مساهماتهن في مجالس الأنس‬             ‫على الضفة الأخرى حد من حرية الإنتاج الشعري‬
                                                            ‫الأنثوي لأنها ظلت تناشد المجتمع أو السلطة‬
   ‫والسمر والمنادمة‪ ،‬وبالتالي غدت الصورة الأغلب‬       ‫الذكورية حتى يقدم لها الدعم أو المساندة للخروج‬
    ‫على نتاجهن مقرونة بالنموذج العاطفي الخليع‪،‬‬
    ‫وبالن ْظم الهاوي الذي تتحكم به أساليب الإغراء‬                  ‫من بوتقة الهامش إلى فلسفة الحياة‪.‬‬
     ‫وإثارة المتعة والطرفة» (عبد اللطيف الوراري‪:‬‬       ‫هل استطاعت المرأة أن تمارس سلطتها على النص‬
‫الشعر والنساء‪ :‬المرأة العربية واجهت عماء التاريخ‬
 ‫ودافعت عن رؤيتها للعالم‪ .‬جريدة القدس العربي‪.‬‬                                               ‫الشعري؟‬
                                                         ‫لقد تنبه النقاد والمؤرخون إلى خلل عميق تجاوز‬
                               ‫‪.)2023 /7 /9‬‬           ‫المجال العربي إلى المجال الإنساني‪ ،‬ولو أن ما يهمنا‬
       ‫لكي نكتب شع ًرا لا بد أن نمارس شعو ًرا أو‬      ‫في هذا السياق هو المجال العربي‪ ،‬وفي ذلك علينا أن‬
 ‫نخوض غمار التجربة الشعرية‪ ،‬لكن هوس الكتابة‬           ‫نقر بأن التأريخ للكتابة الشعرية العربية هو تأريخ‬
   ‫فتح مجا ًل أمام المرأة وجعل خطابها يقف ن ًّدا إلى‬     ‫لوجود الغياب‪ ،‬أو لغياب ما تكاثر وتكاثف حتى‬
   ‫جانب سلطة الرجل‪ ،‬ومن ثم جعلت المرأة الكتابة‬           ‫صنع لنفسه وجو ًدا‪ .‬فالواقع هو أنه «إلى حدود‬
  ‫الشعرية ممارسة شعورية قبل أن تكون ممارسة‬               ‫منتصف القرن العشرين‪ ،‬ظل الصوت الشعري‬
 ‫إبداعية‪ ،‬فاستطاعت أن تمارس سلطتها على النص‬
‫باستحضار عوالم شعورية في قوالب إبداعية جعلت‬               ‫النسائي‪ ،‬عبر عصور القصيدة العربية‪ ،‬رديف‬
 ‫الخطاب الشعري يذوب في لغة هي الأخرى تبحث‬               ‫اليتم والغياب‪ .‬إذا استثنينا شاعرات نادرا ٍت مثل‬
  ‫عن ممارسة شعورية حتى ترفع بمقام النص إلى‬             ‫الخنساء في الجاهلية والإسلام‪ ،‬وليلى الأخيلية في‬

                                                                                      ‫العصر الأموي‪،‬‬
                                                                                            ‫والفارعة‬

                                                                                      ‫ورابعة العدوية‬
                                                                                           ‫في العصر‬
                                                                                            ‫العباسي‪،‬‬

                                                                                         ‫وولادة بنت‬
                                                                                            ‫المستكفي‬
                                                                                           ‫في العصر‬
                                                                                           ‫الأندلسي‪،‬‬
                                                                                             ‫وعائشة‬

                                                                                         ‫التيمورية في‬
                                                                                      ‫العصر الحديث‪،‬‬

                                                                                           ‫فإننا نكاد‬
   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143