Page 97 - Dilmun 29

‫ال ّترحال كهو ّية إلى فعل إبداع ّي من خال قراءة لبعض النماذج الفن ّية‬ ‫د‪ .‬ريم المالكي‬

‫ال ّترحال‬ ‫مــع الطبيعــة والاندمــاج الكلــي بهــا تدريج ًيــا هــذا التــراث الكاســيكي‬
‫كهو ّية‬
‫عبــر التعامــل بشــكل مباشــر مــع العربـي الإسـامي‪ ،‬كإميـل غراسـي‬

‫المــواد والخامــات الأساســية التــي (إلـى مصـر سـنة ‪1869‬م)‪ ،‬وكلـود‬

‫تك ّونهــا‪ ،‬كالتــراب والحجــر‪ ،‬إلــى رونـوار (إلى الجزائر سـنت ْي ‪1879‬‬

‫جانـب الوسـائط التعبيريـة الأخـرى و‪1882‬م)‪ ،‬وفاســيلي كاندانســكي‬

‫كالخرائــط والصــور الفوتوغرافيــة (إلـى تونـس بيـن ‪ 1904‬و‪1905‬م‬
‫والدلائـل والتوليـف فيمـا بينهـا فن ًّيـا وإلـى مصـر وسـوريا وتركيـا سـنة‬
‫وإنشـائ ًّيا‪ .‬فدولاكـروا مثـ ًا حيـن زار ‪1931‬م)‪ ،‬وموريــس دونــي (إلــى‬

‫المغــرب ســنة ‪1832‬م‪ ،‬كان يلتقــط الجزائـر وتونـس والشـرق الأوسـط‬

‫‪-‬حيـن يشـتغل علـى مذكـرات سـفره فــي مــا بيــن ‪ 1907‬و‪1910‬م)‪،‬‬

‫المرســومة‪ -‬الأنــوار والخطــوط وألبيـر ماركـي (الـذي قـام بزيـارات‬

‫والأشــكال المائمــة للمشــهدية عديــدة للمغــرب والجزائــر بيــن‬

‫الشاسـعة التـي بلورهـا فـي لوحاتـه ‪ 1911‬و‪1945‬م)‪ ،‬وبــول ســينياك‬

‫فيمـا بعـد‪ ،‬حيـث أضحـى التشـــــكيل (إلـى تركيـا سـنة ‪1907‬م)‪ ،‬وهنري‬

‫مشــــــــــهدية مشــ ّبعة بالعامــات ماتيــس (الــذي زار المغــرب لعــدة‬

‫مــرات منــذ ‪1912‬م)‪ ،‬وبــول كلــي‬ ‫والكتابــات ولعبــة الذاكــرة‪.‬‬

‫ومــن هــذا المنطلــق يمكننــا القــول (إلـى تونـس عـام ‪1914‬م‪ ،‬ومصـر‬

‫أن الفــن الاستشــراقي فــي بدايــة عـام ‪1928‬م)‪ ،‬وعـدة فنانيـن آخرين‬

‫القــرن العشــرين‪ ،‬كان لــه دور هــام حتــى فنانــي الأجيــال الحاليــة‪.‬‬

‫فــي الثقافــة الغربيــة التــي اتخــذت وهنــا نســتحضر تجربتــ ْي كل مــن‬

‫المجـال العربـي الإسـامي موضو ًعا الرســام السويســري بــول كلــي‬

‫لهــا‪ .‬فالاستشــراق‪ ،‬كمــا يقــول والكاتـــــب والروائــي الفرنســـــــي‬

‫فريــد الزاهــي هــو «ذلــك المســعى موباســان ومــدى تقــارب كل مــن‬

‫الــذي بلــور مــن خــال الرحــات تجربتهمــا فــي عديــد مــن النقــاط‪،‬‬
‫والاستكشــافات نظــرة تركــت لنــا لعـ ّل مـن أهمهـا التن ّقـل مـن الرحلـة‬
‫ترا ًثـا تصوير ًّيـا قري ًبـا مـن الواقـع‪ ،‬الداخليــة إلــى الرحلــة فــي المــكان‬
‫بحيــث يمــارس عليــه تأويــ ًا ذات ًيــا‪ ،‬وذلــك مــن خــال ســفرهما إلــى‬

‫ويبتكــره مــن جديــد ويعمــل علــى تونــس و القيــروان بغــض النظــر‬

‫عــن الفــارق الزمنــي الكبيــر بيــن‬ ‫كشــفه لنــا»(‪.)7‬‬

‫هكــــذا بــدأت أوروبـــــــا تكتشــف الرحلتيــن ودون اعتبــار اختــاف‬

‫‪95‬‬