Page 101 - Dilmun 29
P. 101

‫ال ّترحال كهو ّية إلى فعل إبداع ّي من خال قراءة لبعض النماذج الفن ّية‬  ‫د‪ .‬ريم المالكي‬

‫ال ّترحال‬  ‫إلــى خــوض تجــارب تشــكيلية‬              ‫تسـتخدم لونـه وملمسـه فـي تكويناتهـا‬
‫كهو ّية‬    ‫جديــدة‪ ،‬تراوحــت فيهــا درجــات‬           ‫الرحيبـة وأفكارهـا الفلسـفية العميقـة‬
           ‫اللـون بيـن الألـوان الترابيـة التـي تـم‬   ‫التي اكتسـبت النسـق «الأرابيسـكى»‬
           ‫توظيفهـا كخلفيـة للمشـهد‪ ،‬والدرجات‬         ‫فتنازلــت عــن كثيــر مــن الإســهاب‬
           ‫الصفــراء القاتمــة مــع لمســات مــن‬      ‫والإيقــاع الســريع لتدعــو المتلقــي‬
           ‫الأحمــر والأزرق القاتــم‪ ،‬كوســيلة‬        ‫إلــى مزيــد مــن التأمــل الصوفــي‬
           ‫لتســليط الضــوء علــى المشــاهد‬           ‫والاســتمتاع الزاهــد بعيــ ًدا عــن‬
           ‫المرســومة‪ .‬اشــتقت رســوماتها مــن‬        ‫بهـرج الألـوان»)(‪ .)10‬فأزميرالـدا‬
           ‫معجــم الترحــال‪ ،‬فحملــت مقاصــد‬          ‫فنانــة اهتمــت فــي رســوماتها‬
           ‫عديــدة منهــا الترحــال المــادي فــي‬     ‫بالطبيعــة والبحــر وســجلت التــراث‬
                                                      ‫المصــري المتبقــي‪ ،‬وذلــك بإدخــال‬
            ‫المــكان والترحــال فــي الزمــان‪.‬‬        ‫الخامـات الطبيعيـة مـع الألـوان علـى‬
           ‫بطـل هـذه الأعمـال تمثـل فـي فعـل‬          ‫مسـطح اللوحـة‪ .‬وعلـى الرغـم مـن‬
           ‫الترحـال ذاتـه‪ ،‬إذ تتمحـور عناصـر‬          ‫اسـتخدامها للوسـائط المتعـددة فإنهـا‬
           ‫اللوحـات جميعهـا حـول هـذه الفكرة‪.‬‬         ‫كانــت تهتــم بالعمــق التصويــري‬
           ‫وقــد حاولــت الفنانــة اســتحضار‬          ‫(البعـد الثالـث)‪ ،‬وفـي مراحـل لاحقـة‬
           ‫كل مــا يثــري ويدعــم هــذه الفكــرة‪:‬‬     ‫تح ّولــت إلــى فــن الموزاييــك حيــث‬
           ‫مــن الحصــان إلــى القطــار‪ ،‬إلــى‬        ‫جـددت فـي تنـاول هـذا الفـن بوضـع‬
           ‫اســتحضار المشــاعر المرتبطــة‬             ‫القطــع بطريقــة عفويــة وإخراجهــا‬
           ‫بفكــرة الترحــال كالعاطفــة والغربــة‬     ‫عـن النظـام المتعـارف عليـه والقائـم‬
           ‫والحنيــن‪ .‬وفــي حيــن تختلــف‬             ‫علــى ترصيــص القطــع جن ًبــا إلــى‬
           ‫مســاحات اللوحــات المعروضــة‬              ‫جنــب وفــق قواعــد و معاييــر‬
           ‫وتتفــاوت أبعادهــا‪ ،‬إلا أنهــا جمي ًعــا‬
           ‫تشــترك فــي التعبيــر عــن تلــك‬                                ‫مضبوطــة‪.‬‬
           ‫الحركــة الديناميكيــة التــي ينطــوي‬      ‫ونــرى أن الفنانــة الســورية ســعاد‬
           ‫عليهــا فعــل الســفر‪ .‬ونلمــح فــي‬        ‫مــردم بــك تتشــابه مــع أزميرالــدا‬
           ‫رسـوماتها مشـاعر التأمـل والانتظار‬         ‫حـداد فـي تجربـة الرحلـة والارتحال‬
           ‫فــي عيــون الأشــخاص المرســومة‪،‬‬          ‫التشــكيلي‪ ،‬فهــي بدورهــا خاضــت‬
           ‫قـــــد تجتمـــــع هـذه الشـخوص تارة‬       ‫مغامرتهــا حــول مفهــوم الســفر‬
           ‫فـي مشـهد واحـد‪ ،‬وقـد تتفـرق تـارة‬         ‫والترحــال بمعانيــه وتجلّياتــه‬
           ‫أخــرى بيــن اللوحــات‪ .‬وهــو مــا‬         ‫المختلفـة‪ ،‬مـن الانتقـال فـي المـكان‪،‬‬

‫‪99‬‬
   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106