Page 99 - Dilmun 29
P. 99
ال ّترحال كهو ّية إلى فعل إبداع ّي من خال قراءة لبعض النماذج الفن ّية د .ريم المالكي
ال ّترحال توضــح نظريــة الألــوان والعاقــة لأفــكاره وتص ّوراتــه لتطــل علــى
كهو ّية
بينهــا ،والتــي ابتكرهــا الرســام الآخـر عبـر نافـذة الرحلـة .ونشـير
أثنـاء الرحلـة وكانـت نقطـة التحـول هنـا أن الرحلـة هـي انتقـال مـن حالـة
إلــى حالــة ومــن زمــان إلــى زمــان المهمــة فــي حياتــه.
أمـا عـن الكاتـب الفرنسـي موباسـان آخـر ومـن وجـود بمـكان إلـى وجـود
الــذي كان مهوو ًســا بهاجــس بمــكان آخــر ويقــول موباســان فــي
الاكتشـاف ،فقـد كانـت رحاتـه إلـى هــذا الســياق« :والســفر يشــبه با ًبــا
بلــدان شــمال أفريقيــا تجســي ًدا فعل ًّيــا نغـادر مـن خالـه الواقـع المعـروف
لهــذه الرغبــة التــي تجتاحــه .فهــو لنلــج واق ًعــا غيــر مستكشــف أقــرب
لـم يكـن سـائ ًحا عاد ًّيـا بقـدر مـا كان إلــى الحلــم»(.)9
باح ًثـا عـن وجـوه جديـدة فـي أماكـن وبالتالــي فــإ ّن الفــ ّن التشــكيلي
وتعبيــره عــن الرحلــة هــو تــوازن أخــرى غيــر التــي عهدهــا.
ومـن رحلـة الجزائـر سـنة 1881م بصـري يجمـع الذاكـرة بالفكـرة ليقدم
إلــى رحلــة تونــس والقيــروان ســنة مـادة إبداعيـة لهـا تلقائيتهـا انطا ًقـا
1888م ،مــن بــاد الشــمس إلــى مــن عامــات بصريــة مســجلة .ف ّن
بــاد المــروج الخضــراء تطــرق لــه إيقاعــه وخطوطــه التــي تنســجم
موباســان إلــى نــوع جديــد مــن مـع الألـوان مثـ ًا الترابيـة والألـوان
الكتابـة وهـو أدب الرحـات ،و مـن البــاردة والحــارة فمــن الأزرق إلــى
أهـم كتاباتـه فـي هـذا المجـال «مـن الأصفــر والأخضــر تختلــف البيئــة
تونـس إلـى القيـروان» الـذي جمـع والطبيعــة والعامــات ودلالتهــا
فيــه الســرد القصصــي والتوثيــق الرمزيــة حســب الفكــرة المقصــودة
ومحـاكاة التاريـخ وسـجل مشـاهداته مــع توظيــف الشــخوص والمامــح
وماحظاتــه الدقيقــة عبــر تدويــن والعناصـر والخامـات لتتق ّمـص كلهـا
بعـض الأفـكار والماحظـات كتاب ًّيـا الـدور المرجـو منـــــها لإيصـــــال
حضــرت فيهــا التجربــة الحســية المعنــى ومدلولــه ،وهنــا تتح ّقــق
وجمعــت بيــن مختلــف الحــواس المتعـة البصريـة فـي سـرد تفاصيـل
(البــــــصر ّي ،الســــــمع ّي ،الــــــش ّم مســتوحاة فــي تلــك البيئــة واللغــة
والملمـوس) ،فهـو لـم يكتـ ِف بنظـرة البصريــة حر ًفــا ومامــح وتشــكي ًا
الســائح العابــرة ،وتنبــع أهميــة للخامـات ،ألوا ًنـا معتقـة النضـج فـي
نصوصــه مــن كونهــا تفتــح الآفــاق تفاصيــل الحيــاة ،طبيعــة ،أر ًضــا
97