Page 104 - Dilmun 29
P. 104

‫العدد التاسع والعشرون – يوليو ‪2021‬‬   ‫جمعية تاريخ وآثار البحرين ‪ /‬مجلة دلمون‬

‫الذاكــرة الاســتيادية لا يمــــــكن أن أضحــت الصــورة مــادة أساســية‬             ‫ال ّترحال‬
                                                                                    ‫كهو ّية‬
‫تكـون ‪-‬بحسـب مـا وصفهـا الكاتـب‪ -‬فـي أعمالـي‪ ،‬أو لنقـل أنهـا أضحـت‬

‫صحيحـة‪ .‬فتجاربهـم تقـول إن زيـارة مســتود ًعا للذكريــات لأنهــا عكســت‬

‫الصغيـر صبيحـة الأحـد لبيـت الخالة «الذاكــرة المؤثــرة»‪ .‬فهــي مجــال‬

‫«ليونـي»‪ ،‬وتذ ّوقـه لحلـوى المادليـن المتفــرج ليتعــرف ويعيــد التفكيــر‬

‫مغمســة بالشــاي‪ ،‬ورائحــة هــذا فــي الشــكل الــذي أخذتــه الرحلــة‬

‫المزيـج‪ ،‬هـي ذكـرى «فوريـة» لكـن إذا مــا ق ّدمناهــا بشــكل اســتعراضي‬

                                    ‫اسـترجاع هـذه التجربـة عبـر الكتابـة للماضــي‪.‬‬

‫فالصــورة مــن جهــة لهــا دور فــي‬  ‫هــو فعــل قصــدي»(‪.)13‬‬

‫ولهــذا ناحــظ أن عملــي التشــكيلي تحقيــق القرابــة بيــن الأثــر الفنــي‬

‫أسـس علـى البنيـة الزمنيـة‪ .‬فكيفيـة والمتلقــي والمــكان وإنشــاء عاقــة‬

‫تعاملــي مــع الزمــن وتوظيفــه فــي مـع الأشـياء والذاكـرة قصـد إضفـاء‬

‫«لوحـات السـفر» مثلما سـميتها جاء رؤيــة جديــدة علــى الأثــر الفنــي‪.‬‬

‫عبــر توظيــف تقنيــة الفوتومونتــاج ومـن جهـة أخـرى فهـي مبنيـة علـى‬

‫للربــط بيــن ذاكــرة الســفر وســفر فكـرة التوثيـق والتسـجيل التـي تعـود‬

‫الذاكــرة‪ .‬وتض ّمنــت «لوحــات بنـا إلـى العديـد مـن الأعمـال التـي‬

‫الســفر» خاصتــي تجربــة الترحــال تنــدرج ضمــن الواقعيــة التســجيلية‬

‫مــن حيــث التقنيــات‪ .‬فحشــدت فــي كمـا الواقعيـة الفوتوغرافيـة التوثيقيـة‬

‫مجملهـا مسـيرة خمـس سـنوات مـن الكاســيكية التــي كانــت تســجل‬
‫البحــث التشــكيلي‪ ،‬عكســت ح ّيــ ًزا الحيــاة اليوميــة والاجتماعيــة‬
‫واســ ًعا مــن تأماتــي البصريــة والسياسـية‪ .‬وإذا تعمقنـا قليـ ًا سـنجد‬

‫التــي رســمت خريطــة ترحاتــي أن مصطلحــ ْي التوثيــق والتســجيل‬

‫فــي الزمــان والمــكان‪ .‬وتعــ ّد هــذه يعــود تاريخهمــا إلــى حقبــات أقــدم‬

‫اللوحــات فــي مجملهــا ســرديات بكثيــر مــن الفتــرة الفوتوغرافيــة‬

‫بصريــة و ِقط ًعــا تشــكيلية مطبوعــة الكاســيكية أي ربمــا منــذ نشــوء‬

‫بخصائـص تعبيريـة وجماليـة تسـتقي الإنسـانية‪ .‬ففكـرة التوثيـق هـي المبدأ‬
‫تف ّردهــا مــن كونهــا أعمــا ًلا مفعمــة الـذي قامـت عليـه أقـدم الحضـارات‬

‫برســومات حبريــة ومائيــات ملونــة الإنســانية ألا وهــي الحضــارة‬

‫متعـددة عبـارة عـن صـور بصريـة البدائيــة‪ ،‬أي كان التوثيــق اليومــي‬

‫مرتحلــة‪ .‬وعلــى هــذا الأســاس والحياتــي لــدى الإنســان البدائــي‬

                                                                                    ‫‪102‬‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109