Page 107 - Dilmun 29
P. 107

‫ال ّترحال كهو ّية إلى فعل إبداع ّي من خال قراءة لبعض النماذج الفن ّية‬  ‫د‪ .‬ريم المالكي‬

‫ال ّترحال‬  ‫الســفر‪ ،‬وعنــد وصولــه يجــد كل‬                                       ‫المتتاليــة محــددة‪.‬‬
‫كهو ّية‬    ‫ومــن منطلــق هــذا المبحــث‪ ،‬يعتبــر شــيء جاهــ ًزا مــن الاســتقبال إلــى‬

           ‫العصــر الحالــي بحــق عصــر البرنامـج‪ ،‬ومـن ثـ ّم يبـدأ بإنهـاء بنـود‬
           ‫الرحلـة والسـفر‪ ،‬نظـ ًرا للإمكانيـات الجـدول المخططـة مسـب ًقا‪ ،‬فـا يـرى‬
           ‫والتسـهيات المتوفـرة‪ ،‬حيـث أصبـح إلا مـا أُريـد لـه أن يـراه‪َ .‬عـدا َعـن‬
           ‫الســفر جــز ًءا لا يتجــزأ مــن الحيــاة أ ّن ثقافــة أغلــب المســافرين لمفهــوم‬
           ‫اليوميـة ومتا ًحـا بدرجـة كبيـرة لـكل الرحلــة فــي حــ ّد ذاتهــا‪ ،‬لُ ّخصــت‬

           ‫شــخص يرغــب فــي عيــش هــذه فــي التجــوال والتســ ّوق‪ .‬يضــاف‬
           ‫التجربــة بعكــس مــا كانــت عليــه إلــى ذلــك تقــ ّدم وســائل الاتصــال‬

           ‫الأوضــاع فــي الماضــي‪ .‬فتنــوع وظهـور العديـد مـن وسـائل السـفر‬

           ‫وســائل النقــل وتطورهــا اليــوم الحديثــة‪ ،‬والأجهــزة التــي ســاعدت‬

           ‫ســهلت علــى المرتحــل أو المســافر علـى اكتشـاف الكثيـر مـن المناطـق‬
           ‫التن ّقـل وو ّفـرت عليـه الوقـت والكثير خـال وقـت قصيـر‪ ،‬فيظـن مسـتخدم‬

           ‫هــذه الوســائل أنــه زار كل مــكان‬                                    ‫مــن الجهــد‪.‬‬

           ‫ولعــ ّل مــن أهــم الأســباب التــي فــي العالــم وتعــ ّرف علــى جميــع‬

           ‫ســاهمت فــي غيــاب أدب الرحــات خصوص ّياتـه وهـو جالـس فـي بيتـه‪.‬‬

           ‫حال ًيــا هــو حرمــان المســافر مــن وهــو مــا أدى إلــى اختفــاء أدب‬
           ‫تجربــة الرحلــة الحقيقيــة بــك ّل مــا الرحلـة‪ ،‬ولـم تبـ َق منـه إلا المؤلفـات‬

           ‫فيهــا مــن عمــق وإثــارة واكتشــاف‪ ،‬التاريخيـة المحفوظـة فـي المكتبـات‪.‬‬

           ‫فالأخيـر فقـد خصوصيتـه بمـا يسـمى واليــوم‪ ،‬خاصــة فــي هــذه الفتــرة‬
           ‫بالرحـات الجماعيـة المنظمـة سـل ًفا‪ ،‬مـن الحجـر الضـروري بسـبب وبـاء‬
           ‫ممـا جعـل «السـائح» الحديـث يحـل كوفيـد‪ ،-19‬وجدنـا أنفسـنا لا إراد ًّيـا‬

           ‫محـل «الرحالـة» القديـم‪ ،‬فال ّرحالـة فــي ظــ ّل التقلبــات الجديــدة لمســألة‬
           ‫يعنــى التم ّيــز والفرد ّيــة‪ ،‬والســائح الانتقـال والتن ّقـل التـي غ ّيـرت الكثير‬

           ‫اليــوم هــو شــخص مســ ّير‪ ،‬تــرك مـن رؤيتنـا للعالـم‪« ،‬لقـد حـ ّرر هـذا‬

           ‫أمــور رحلتــه بيــد غيــره‪ ،‬يــرى القيــد الأثــر المرتحــل مــن بوتقــة‬
           ‫بعيــون من ّظــم الرحلــة وليــس مــن المألـوف وأعـاد الاعتبـار للمسـافات‬
           ‫ذاتــه‪ ،‬اختــار ســل ًفا المــكان الــذي مشـك ًكا باختـاف في مفاهيـم الانتقال‬
           ‫ســيذهب إليــه حســب أفضليــة ومدلِّــ ًا علــى ذلــك بمتغ ّيــرات‬

           ‫العــروض التــي تقدمهــا وكالات الممارســة الفن ّيــة الحاليــة وعاقتهــا‬

‫‪105‬‬
   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112