Page 103 - Dilmun 29
P. 103
ال ّترحال كهو ّية إلى فعل إبداع ّي من خال قراءة لبعض النماذج الفن ّية د .ريم المالكي
ال ّترحال الحديـث عـن الذات ،عبر اسـتحضار علــى مــدار خمــس ســنوات ضمــن
كهو ّية «الأنـا» وعاقتهـا بالزمـان والمـكان ذاكــرة النــص والكتابــة ،وحاولــت
اللذيــن قمــت باســتحضارهما فــي المراوحــة زمن ًيــا بيــن رحلــة
النــص بأشــكال شــتى مــن خــال معاشــة وأخــرى مســتحضرة ،وفــي
العاقــة بيــن مســاري الرحلــة كا النص ْيــن هنــاك مواجهــة مــع
والتغيــرات التــي فرضتهــا هــذه الذاكــرة مــن خــال ثنائية الغيــاب
التجربـة ،وبالتالـي فإ ّن البحـث عـن والحضــور بالذاكــرة واســتعادة
الزمـن فـي تجربـة السـفر هـو فـي زمــن الماضــي ،والكتابــة عنــه
حـ ّد ذاتـه اسـتعادة لذكريـات المـكان، مــن خــال طــرح إشــكالية الرحلــة
و تمظهــر هــذا البحــث أكثــر فــي أســلوب ًيا ومفاهيم ًيــا وتشــكيل ًيا ،ثــ ّم
التــد ّرج فــي كارتوغرافيــا هــذا
النــص التشــكيلي. التن ّقــل وميكانيزماتــه الأساســ ّية.
فــكان حضــور الزمــن كمحــور ومــن الماحــظ أن تناولــي لفعــل
أساســي لانطــاق الكتابــة ،وهــذا التن ّقــل فن ًّيــا هــو نتــاج تسلســل
نجــد دلالاتــه فــي دفتــر الســفر منهجــ ّي فــي طبيعــة الرحلــة التــي
والرســومات عبــر الألــوان المائيــة عشتـــــها« ،فالترحـال حسـب تعبيـر
والأحبــار المختلفــة ،والصــور الجامعـي والأديـب حافـظ الجديـدي:
الفوتوغرافيــة .ففعــل الاســترجاع هــو الأبهــة للترحــل وهــو الفعــل
الـذي مارسـته عبـر العـودة للشـواهد الفنــي ،فعــل الكتابــة ( )...وعنــد
الملموسـة ،لـم يقتصـر علـى قـراءة التواصـل مـع الآخـر يمكـن اعتبـار
جمـل وعبـارات فـي دفتـر أو علـى ذلـك محطـة مـن محطـات الترحـال
تحليـل صـورة ،بـل إن فعـل القـراءة الـذي فيـه ثـراء كبيـر جـ ًّدا ،إذ عنـد
هنـا ارتبـط بالبحـث عـن زمـن آخـر، الســفر تلتقــي مــع الآخــر فــي حيــن
«البحــث عــن الزمــن المفقــود» أ ّن البقـاء فـي مـكان واحـد قـد يحـول
كمــا يقــول مارســيل بروســت فــي الثـراء الأولـي إلـى نـوع مـن الفقـر
روايتـه ،ففـي نـص بروسـت يتذكـر المعرفــي ،وبالتالــي عمليــة الترحــل
هــذا الأخيــر «طعــم المادليــن» هــي بحــث عــن الآخــر والتواصــل
طعــم تلــك الحلــوى قصد ًيــا ،وليــس
لا إراد ًيــا كمــا يدعــي الكاتــب فــي معــه مــن أجــل الإثــراء»(.)12
النــص« ،فمحللــو علــم النفــس وهنــا لــم أســتعن بالذاكــرة لســرد
التجريبــي رأوا أن شــرارة اســتيقاظ تجربـة عايشـتها بقـدر ما سـعيت إلى
101