Page 248 - merit 38 feb 2022
P. 248

‫العـدد ‪38‬‬          ‫‪246‬‬

                                                                 ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬      ‫يرجع ذلك بشكل أوضح‬
                                                                                ‫إلى شخصية «سعيد» الذي‬
   ‫قيمة في حد ذاته يمكننا‬             ‫والجدل والانغلاق‪ ،‬فهو‬                      ‫تبنى فكرة التجربة الذاتية‬
     ‫اعتبار هذا الدمج من‬              ‫«يؤمن بأن قيمة البشر‬
                                      ‫لا تكمن في قوة أفعالهم‬                        ‫القائمة على ذلك الوعى‬
‫الصياغات الإبداعية المقلقة‪،‬‬           ‫التدميرية‪ ،‬وإنما في قوة‬                      ‫باللحظة التي يوجد بها‪،‬‬
  ‫التي تحول النص الأدبي‬                                                         ‫بينما جاء (الزمن الدرامي)‬
 ‫إلى صيغة تداولية‪ ،‬تصف‬                   ‫شعورهم بالخجل»‪،‬‬                        ‫في المسرحية جام ًعا للحدث‬
    ‫وتأول من أجل التمثل‬                ‫كما اتسمت شخصيته‬                           ‫الرئيسي‪ ،‬والشخصيات‪،‬‬
 ‫التاريخي القيمي‪ ،‬اعتما ًدا‬          ‫بـ(الصيرورة) التي هى‬                      ‫والعناصر البصرية المكانية‪،‬‬
 ‫على اشاراته الذهنية‪ ،‬ربما‬         ‫غريزة اللعب‪ ،‬والمتعة دون‬                    ‫فهو الزمن الحقيقي الضاغط‬
                                     ‫توقف‪ ،‬وعبر الكاتب عن‬                         ‫على الشخصيات‪ ،‬والبنية‬
‫يمكننا اعتبار هذا الأسلوب‬          ‫شخصية «ثابت» باعتبارها‬                        ‫الزمنية في خطاب الكاتب‪،‬‬
‫في الكتابة راج ًعا إلى كيمياء‬     ‫أقرب إلى أفكار «بارمنيدس»‬                      ‫ورسالته ارتبطت بالكيفية‬
                                       ‫في الثبات الذي يختزل‬                       ‫التي أدار بها الديالوجات‬
     ‫الخيال التي تنظر إلى‬           ‫حركية الحياة في قواعدها‬                     ‫الجدلية الخاصة التي تدور‬
  ‫اللغة كمجموعة شحنات‬             ‫الجافة‪ ،‬وعن مخيلة «سارة»‬                     ‫حول الحدث الرئيسي داخل‬
   ‫معزولة يمكن للأسلوب‬                 ‫التي اتسمت بالتناقض‬
    ‫أن يدمجها للتفاعل مع‬            ‫والقدرة على تغيير الأقنعة‬                                      ‫ال َنص‪.‬‬
   ‫بعضها البعض(‪)4‬؛ ولأن‬                                                            ‫المكان هو سيد الواقعية‬
                                          ‫تب ًعا لأدوار الحياة‪.‬‬                   ‫في البنية النصية للحدث‪،‬‬
     ‫النص المسرحي محل‬             ‫لغة المسرحية التي تقاطعت‬                       ‫والمشاهد ُتعد من تجليات‬
  ‫القراءة‪ ،‬قادر على تشكيل‬                                                           ‫واقعية النسق المكاني‪،‬‬
 ‫(الخيال الوصفي) المكثف‬               ‫‪-‬كنص أدبي‪ -‬مع عدد‬
   ‫من خلال استثارة وعى‬             ‫من المفاهيم الفلسفية‪ ،‬مثل‬                            ‫وانعكاس لحاضر‬
  ‫المتلقي‪ ،‬فقد نجح الكاتب‬         ‫مفهوم (الزمن)‪ ،‬و(الخيال)‪،‬‬                   ‫الشخصيات العياني باعتباره‬
‫في إنتاج الدلالة الأدبية منه‬        ‫و(الجدل)‪ ،‬تم من خلالها‬                    ‫نات ًجا عن الأنساق الاجتماعية‬
‫محاو ًل الإجابة عن تساؤل‬
   ‫هام ألا وهو‪ :‬هل يقترن‬             ‫دمج الأمثال الشعبية في‬                     ‫القيمية‪ ،‬ربما ساهم ذلك في‬
                                   ‫الديالوج بين الشخصيات‪،‬‬                     ‫حال الانسياب السردي الذي‬
    ‫الخيال بالتصور المثالي‬           ‫ذلك الدمج الذي كانت له‬
            ‫لقيم المجتمع؟‬                                                        ‫أتاح للمتلقي التنقل داخل‬
                                     ‫وجاهته‪ ،‬التي عكست لنا‬                         ‫النَّص كأنه مكان مرتبط‬
          ‫الهوامش‪:‬‬                   ‫حرص الكاتب على الربط‬                         ‫ديناميًّا بالحدث الرئيسي‬
                                     ‫بين (الإشكالية المعرفية)‬
 ‫‪ -1‬فريديريك نيتشة (‪،)2010‬‬           ‫في لغة أصدقاء الطفولة‪،‬‬                          ‫وحركية الشخصيات‬
‫«غسق الأوثان‪ ،‬أو كيف نتعاطى‬          ‫وأصالة الفكر كإشكالية‬                            ‫وانفعالاتها النفسية‪.‬‬
‫الفلسفة قر ًعا بالمطرقة»‪ ،‬ترجمة‪:‬‬   ‫أبدية فرضتها على الجميع‬                       ‫اعتمد الكاتب على (الخيال‬
                                                                                ‫الاستعاري) الذي تجلى في‬
          ‫علي مصباح‪ ،‬بيروت‪.‬‬             ‫الأنساق القيمية‪ ،‬كأن‬                    ‫التشبيهات‪ ،‬مثل حذاء «فان‬
 ‫‪ -2‬أدونيس (د‪.‬ت)‪« ،‬الصوفية‬            ‫المحاكاة في ذكر الأمثال‬                  ‫جوخ»‪ ،‬ووجه «سارة» الذي‬
‫والسوريالية»‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الساقي‪،‬‬                                                   ‫لا يمكن أن يقارن إلا بوجه‬
                                         ‫الشعبية نقطة التقاء‬                      ‫ضبع‪ ،‬شخصية «سعيد»‬
                      ‫بيروت‪.‬‬            ‫شخصيات المسرحية‪،‬‬                           ‫أي ًضا اعتمدت على اللغة‬
    ‫‪ -3‬هيجل (‪« ،)1988‬المدخل‬         ‫فإذا بالمتلقي يتأمل صور‬                    ‫الاستعارية المقاومة للمنطق‬
 ‫إلى علم الجمال‪ ،‬فكرة الجمال»‪،‬‬
   ‫ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬دار‬                ‫المجتمع المختزنة في‬
                                       ‫أذهانهم‪ ،‬فعندما يكون‬
              ‫الطليعة‪ ،‬بيروت‪.‬‬         ‫النص الأدبي المسرحي‬
        ‫‪ -4‬عبد السلام المسدي‬

          ‫(‪« ،)1982‬الأسلوبية‬
 ‫والأسلوب»‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار العربية‬

        ‫للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪.‬‬
   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253