Page 250 - merit 38 feb 2022
P. 250

‫العـدد ‪38‬‬          ‫‪248‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬      ‫الفلسفية يقتضي اعتبار‬
                                                                                 ‫الأولى مرتبطة بشروط‬
  ‫إنتاج تفكير فلسفي‪ ،‬هما‬              ‫إلى نقلها إلى مستوى‬                  ‫الحياة الإنسانية‪ ،‬بينما تنفتح‬
 ‫وجهان لإشكالية واحدة‪،‬‬           ‫معرفة أكثر عمومية وأكثر‬                       ‫الثانية على قضايا أخرى‬
  ‫هي إشكالية العلاقة بين‬                                                    ‫من قبيل الطبيعة‪ ،‬والوجود‪،‬‬
                                                 ‫وضو ًحا‪.‬‬
         ‫الفلسفة والأدب‪.‬‬         ‫في هذه الاتجاه إذن يصبح‬                                       ‫والعلم‪.‬‬
       ‫علاقة اللغة بالفكر‪.‬‬                                                       ‫إذن التمايز بين الأدب‬
  ‫علاقة الخيالي بالواقعي‪.‬‬          ‫الأدب بمثابة مستكشف‬                        ‫والفلسفة قائم على أساس‬
  ‫علاقة الأسطورة بالعلم‪.‬‬           ‫لمجالات غامضة في نظر‬                           ‫اختلاف طرق معالجة‬
                                    ‫العقل‪ ،‬فيصبح التناول‬                       ‫ومقاربة نفس المواضيع‪،‬‬
         ‫فالفلسفة والأدب‬          ‫الفلسفي لها محصو ًرا في‬                  ‫وبالتالي اختلاف أساليب بناء‬
   ‫يتنافسان تناف ًسا شديد‬           ‫تنظيمها عقلانيًّا‪ ،‬داخل‬                   ‫علاقات هذه المواضيع مع‬
                                   ‫بنيات مفاهيمية مجردة‪.‬‬                      ‫المنطق والتجريد من جهة‪،‬‬
      ‫الوطأة‪ ،‬إذ يدعي كل‬                                                      ‫ومع المعيش والمتخيل من‬
  ‫حقل أنه يستغرق الآخر‪،‬‬               ‫وعلى اعتبار أننا نقيم‬
                                ‫اختلا ًفا مهما كان نوعه بين‬                                ‫جهة أخرى‪.‬‬
      ‫ويهيمن على حقيقته‬                                                     ‫فالفلسفة تسعى إلى الغوص‬
‫ويتجاوزه تجاو ًزا‪ .‬فالأدب‬        ‫الفلسفة والأدب‪ ،‬فالنتيجة‬
 ‫يروم أن يرد الفلسفة إلى‬        ‫إذن هي أنه من وجهة نظر‬                           ‫قدر الإمكان في نسيج‬
                                ‫الفلسفة يطرح سؤال يتعلق‬                      ‫التجربة الإنسانية من أجل‬
   ‫حقيقتها الأدبية‪ ،‬أي إلى‬        ‫بمعرفة مدى حاجة الفكر‬                    ‫فهم بنيتها‪ ،‬وإعادة تشكيلها‪.‬‬
    ‫مجرد كونها ن ًّصا من‬        ‫للشكل الأدبي‪ ،‬ومن وجهة‬                      ‫كما أنه إذا كان الأدب يمنح‬
    ‫النصوص‪ ،‬في حين أن‬             ‫نظر الأدب يطرح السؤال‬                    ‫نفسه حرية التخيل‪ ،‬فإن ذلك‬
    ‫الفلسفة تسعى إلى رد‬                                                    ‫لا يتم بشكل اعتباطي‪ ،‬ولكنه‬
  ‫الأدب إلى تنويع تعبيري‬            ‫إلى أي حد يفكر الأدب‪،‬‬
                                  ‫وهل هو بحاجة من أجل‬                          ‫يستهدف الغوص بشكل‬
       ‫تمسك هي بحقيقته‬           ‫ذلك لاتخاذ شكل حجاجي‬                        ‫أعمق في بنيات التجربة من‬
‫النهائية‪ ،‬أي بمعناه الأخير‪.‬‬      ‫خاص بالمجالات النظرية؟‬                    ‫أجل إبراز المظاهر التي تنفلت‬

  ‫وتعود فكرة التضاد بين‬             ‫إن التساؤل حول مدى‬                           ‫من الملاحظة المباشرة‪.‬‬
  ‫الفلسفة والأدب إلى عهد‬         ‫حاجة الفلسفة للإجراءات‬                         ‫ضمن هذا الإطار يمكن‬
                                                                               ‫تصور علاقة تعاون بين‬
     ‫الإغريق‪ ،‬حيث رفض‬               ‫والطرق الأدبية؛ وفيما‬                    ‫الفلسفة والأدب‪ ،‬يلعب فيه‬
‫الفيلسوف أفلاطون وجود‬              ‫إذا كان الأدب قاد ًرا على‬                ‫هذا الأخير دور المستكشف‬
                                                                                 ‫بالنسبة للفلسفة‪ ،‬لأنه‬
   ‫الفن والشعر والشعراء‬                                                           ‫يجعلها أكثر استعدا ًدا‬
      ‫في مدينته‪ ،‬بحجة أن‬                                                     ‫للإحساس ببعض الظواهر‬
      ‫الفن عمو ًما والشعر‬
                                                                                  ‫الأساسية في تجربتنا‬
    ‫خصو ًصا يقومان على‬                                                         ‫الإنسانية‪ ،‬والتي لا تزال‬
   ‫مفهوم المحاكاة‪ ،‬واتخذ‬                                                        ‫مستعصية على المعالجة‬
   ‫مفهوم المحاكاة مفهو ًما‬                                                      ‫العقلانية‪ ،‬وبالمقابل فإن‬
  ‫دونيًّا لأنه يحاكي العالم‬                                                  ‫الفلسفة من خلال انكبابها‬
    ‫الح ِّسي‪ ،‬والشعر عنده‬                                                      ‫على هذه الظواهر تسعى‬

     ‫إيهام بالحقيقة‪ ،‬بينما‬
  ‫الفلسفة ترتبط بالعلم أي‬

              ‫بالحقيقة(‪.)1‬‬
      ‫فأخذ مفهوم الأدب‬
  ‫مفهو ًما دونيًّا قيا ًسا على‬
     ‫هذا المفهوم الذي بقي‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255