Page 262 - merit 38 feb 2022
P. 262

‫العـدد ‪38‬‬                                                  ‫‪260‬‬

                                                                                                            ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬  ‫د‪.‬جمال حجر‬

      ‫السروجي ونشأة‬
‫مدرسة التاريخ الحديث‬

       ‫في الإسكندرية‬

    ‫‪ ،modernity‬أي الانتقال من‬         ‫لأول مرة بمناهج «أكاديمية»؛‬    ‫يعد قسم التاريخ بكلية الآداب‬
   ‫حال قديم إلى حال جديد‪ ،‬وقد‬       ‫فقد كانت قراءة التاريخ من قبل‬
   ‫شكل هذا التوجه نحو الحداثة‬        ‫شأن الهواة والأدباء من خارج‬        ‫جامعة الإسكندرية ثاني أقدم‬
    ‫نمط الحياة في النصف الثاني‬     ‫المؤسسات الأكاديمية؛ إذ لم يكن‬   ‫الأقسام الجامعية لتدريس التاريخ‬
   ‫من القرن ‪ ،19‬فقبل عهد محمد‬
    ‫علي كانت كتابة التاريخ تسير‬       ‫في مصر كلها في الخمسينيات‬        ‫طب ًقا للمناهج «الأكاديمية»‪ ،‬في‬
   ‫طب ًقا لمنهج الحوليات التقليدي‬  ‫من أساتذة التاريخ «الأكاديميين»‬   ‫ثاني أقدم كلية للآداب في مصر‪.‬‬
    ‫الذي يعتمد خط الزمن سيا ًقا‬
  ‫ُتسرد عليه الأحداث‪ ،‬وفي عهده‬           ‫سوى محمد شفيق غربال‬              ‫فقد تأسست في عام ‪1938‬‬
  ‫صارت دراسة التاريخ الحديث‬          ‫(تلميذ توينبي)‪ ،‬وحسن عثمان‬        ‫تحت رعاية جامعة فؤاد الأول‬
‫والمعاصر جز ًءا من حركة النهضة‬      ‫(خريج روما)‪ ،‬وأحمد عزت عبد‬        ‫(القاهرة)‪ ،‬أي قبل إنشاء جامعة‬
  ‫العامة التي اضطلع بها مؤسس‬          ‫الكريم (تلميذ غربال)‪ ،‬وأحمد‬     ‫فاروق الأول (الإسكندرية) عام‬
‫مصر الحديثة‪ .‬وفي غياب مدرسة‬
 ‫أكاديمية تكتب تاريخ محمد علي‪،‬‬         ‫عبد الرحيم مصطفى (تلميذ‬            ‫‪ .1942‬وقتها لم تكن كوادر‬
   ‫اعتمد الرجل على الأجانب‪ ،‬إلى‬     ‫عبد الكريم) وجميعهم بالقاهرة‪،‬‬    ‫الكلية العلمية قد تأسست‪ ،‬وكان‬
   ‫أن وضع الجبرتي بصمته على‬        ‫ومحمد مصطفى صفوت (خريج‬           ‫التدريس في القسم‪ ،‬والكلية بصفة‬
 ‫هذه «المرحلة الانتقالية بالتجديد‬   ‫ليفربول ولندن) وتلميذه محمد‬
                                   ‫محمود السروجي بالإسكندرية‪.‬‬            ‫عامة‪ ،‬مسؤولية جامعة فؤاد‬
      ‫في منهج الكتابة التاريخية‪،‬‬                                       ‫الأول‪ ،‬التي كان عليها أن تزود‬
   ‫فطبق أصول «المنهج التحليلي»‬         ‫هؤلاء هم المؤسسون الأوائل‬       ‫الكلية بالأساتذة من المصريين‬
  ‫للوقوف على الهدف من دراسة‬          ‫للمدرسة الأكاديمية الوطنية في‬    ‫والأجانب‪ .‬إلى أن تحملت جامعة‬
   ‫الماضي وفهمه‪ ،‬وطرح الأسئلة‬
‫حول أسباب الأحداث واتجاهاتها‬                      ‫التاريخ الحديث‪.‬‬        ‫فاروق الأول هذه المسؤولية‬
 ‫ونتائجها‪ ،‬فأحدث بذلك ثورة في‬         ‫فكيف تشكلت دراسة التاريخ‬        ‫بإعداد كوادرها تدريجيًّا‪ .‬فكيف‬
                                     ‫الحديث والمعاصر في مصر في‬
                                                                                            ‫تم ذلك‪.‬‬
                                                ‫الفضاء الأكاديمي؟‬    ‫مع نشأة الجامعة في الإسكندرية‬
                                     ‫دعونا نتخذ من عهد محمد علي‬       ‫في أجواء الحرب العالمية الثانية‪،‬‬

                                        ‫نقطة انطلاق لمرحلة الحداثة‬        ‫بدأت عملية تدريس التاريخ‬
   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267