Page 281 - merit 38 feb 2022
P. 281

‫‪279‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫تاريخ‬

     ‫العجل أبيس‬                            ‫كان يحيا في الحياة الدنيا‪.‬‬        ‫حجم التمثال‪ ،‬فإذا كان التمثال‬
                                         ‫وتشير هذه النصوص إلى ما‬          ‫صغي ًرا حفر في أسفل الجدار‪ ،‬وإذا‬
  ‫يعتبر الإله (أبيس) الذي ُيمثل‬
 ‫في شكل عجل‪ ،‬رم ًزا للإخصاب‪،‬‬              ‫يستفيده الميت أو روحه في‬         ‫كان مرتف ًعا ثقب في أعلى الجدار‪،‬‬
                                         ‫حياته الأخرى من المأكولات‬          ‫بحيث يمكن للناظر أن يراه كله‪،‬‬
    ‫كان له معبد عظيم في مدينة‬         ‫والمشروبات التي تقدم إليه بعد‬          ‫وأحيا ًنا يكون في السرداب عدة‬
    ‫(منف)‪ ،‬يعبد فيه وتقدم إليه‬            ‫موته‪ .‬ومن أهم مظاهر هذه‬          ‫تماثيل‪ ،‬فيكون عدد الثقوب بقدر‬
     ‫القرابين‪ ،‬حيث كان إله هذه‬         ‫النصوص أنها ترينا كيف كان‬          ‫عدد التماثيل‪ ،‬ويضاف إلى ذلك أن‬
‫المدينة‪ .‬وعندما يموت كان يحنط‬       ‫الملوك لا يذكرون الموت‪ .‬فلا يذكر‬      ‫هذا الثقب كان من وظائفه إيصال‬
 ‫كما يحنط الملوك‪ ،‬و ُيحتفل بدفنه‬    ‫في كتاباتهم أنه مات‪ ،‬بل ُيد َّون أنه‬
  ‫احتفا ًل عظي ًما مهيبًا في جنازة‬   ‫صعد إلى السماء‪ .‬أما الموت فكان‬                  ‫البخور لتمثال المتوفى‪.‬‬
   ‫رسمية وسط جمع من عباده‬           ‫في اعتقادهم هو الموت الأزلي‪ ،‬وهو‬
‫الذين كانوا ُيحضرون له الهدايا‬      ‫ما يصيب الروح إذا فقدت الجسم‬                ‫متون الأهرام‬
‫من كافة أرجاء المملكة‪ ،‬و ُيدفن في‬        ‫أو التماثيل التي صنعت لها‪.‬‬
 ‫مقبرة خاصة به‪ .‬واقترن بالإله‬                                                 ‫هي أقدم كتابات دينية ُعرفت‪.‬‬
 ‫(بتاح) رب سقارة وصار الرمز‬                             ‫العجل أبيس‬             ‫وقد نقشها الفنانون بالكتابة‬
   ‫المادي له‪ ،‬وروحه المباركة‪ ،‬ثم‬                                          ‫التصويرية الهيروغليفية‪ ،‬فخرجت‬
‫استعار ذلك الثور قرص الشمس‬                                                 ‫معجزة فنية بنقشها المتقن ودقة‬
    ‫من (رع) وحمله بين قرنيه‪،‬‬                                                 ‫التفاصيل في صورها البشرية‬
 ‫وبعد ذلك اندمج في (أوزيريس)‬                                               ‫والحيوانية‪ ،‬وألوانها الممتعة التي‬
‫وأصبح ابنًا له‪ ،‬وتك ّون منهما إله‬                                            ‫ما زالت محتفظة بجمالها رغم‬
                                                                               ‫مرور القرون الكثيرة عليها‪.‬‬
                                                                               ‫وزخرفوا معها سقف حجرة‬
                                                                            ‫الدفن بأشكال النجوم حتى بدا‬
                                                                             ‫كأنه سماء تظلل جثة الفرعون‬

                                                                                               ‫وتحتويها‪.‬‬
                                                                             ‫ومتون الأهرام التي تم تأليفها‬
                                                                           ‫في عهود سابقة قبل أيام الأسرة‬
                                                                           ‫الثالثة‪ ،‬لكنها لم تدون إلا في هرم‬
                                                                          ‫(زوسر)‪ ،‬هي كتابات معقدة ظهر‬
                                                                              ‫في ثناياها عادات غريبة كانت‬
                                                                           ‫متبعة في عصر ما قبل الأسرات‪.‬‬
                                                                              ‫وتتلخص في أنها تصور حياة‬

                                                                                ‫الملك الدنيوية‪ ،‬فتصور الملك‬
                                                                               ‫وأمامه الحراس يفسحون له‬
                                                                            ‫الطريق‪ ،‬ثم تصور الملك صاع ًدا‬
                                                                               ‫بعد موته إلى السماء‪ ،‬إما على‬
                                                                             ‫شكل طائر‪ ،‬وإما صاع ًدا بسلم‪،‬‬
                                                                          ‫وقد استقبلته آلهة السماء‪ ،‬وحيته‪،‬‬
                                                                           ‫وأجلسته بينها حيث يعيش معها‬
                                                                          ‫عيشة ممتعة في حقول النعيم كما‬
   276   277   278   279   280   281   282   283   284   285   286