Page 278 - merit 38 feb 2022
P. 278

‫العـدد ‪38‬‬                         ‫‪276‬‬

                                      ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

    ‫الملك إلى السماء‪ ،‬للاتحاد بإله‬     ‫ويبدو أن (إيمحوتب) كان متأث ًرا‬        ‫(إيمحوتب) باقتحام خلوته‪،‬‬
                       ‫الشمس‪.‬‬         ‫بأفكار دينية معينة‪ ،‬تتفق والعقائد‬   ‫وعرض عليه فكرته‪ ،‬فما كان من‬
                                                                         ‫الملك إلا أن جند له العمال والآلات‬
 ‫والمصاطب أبنية مستطيلة الشكل‬             ‫الدينية والتصورات الجنائزية‬     ‫وأمده بالأموال والمراكب وأرفقه‬
   ‫لها في العادة واجهة يتوسطها‬          ‫عن حياة الملك في الآخرة‪ ،‬جعلته‬
                                         ‫يحول المصطبة إلى هرم مدرج‪،‬‬            ‫بالجنود لحراسته‪ ،‬وأرسله‬
‫باب المقبرة الذي يؤدي إلى حجرة‬          ‫ربما بهدف تمثيل فكرة صعود‬           ‫إلى بلاد الصعيد والنوبة لقطع‬
     ‫متسعة يقال لها المزار‪ .‬وهي‬                                              ‫الأحجار‪ ،‬التي تختلف أوزانها‬
                                                     ‫الملك زوسر‬              ‫ما بين ‪ 4‬طن و‪ 16‬طن‪ ،‬وغاب‬
 ‫حجرة استقبال كان يجتمع فيها‬                                               ‫(إيمحوتب) شهو ًرا كثيرة مرت‬
 ‫أقارب المتوفى‪ ،‬وأصدقاؤه الكهنة‪،‬‬                                          ‫على الملك (زوسر) كأنها سنوات‬
                                                                         ‫طويلة منتظ ًرا عودة وزيره وعالمه‬
      ‫ليحتفلوا بتقديم القرابين في‬                                        ‫العبقري ليحقق حلمه ويخلد ذكره‬
               ‫الأعياد والمواسم‪.‬‬                                            ‫في عالم التاريخ القديم‪ ،‬بفكرته‬

‫ومدخل الهرم كالمعتاد من الناحية‬                                                  ‫الرائعة التي اهتدى إليها‪.‬‬
‫الشمالية يقع أسفل الدرجة الأولى‬                                               ‫ذات صباح بينما يرقب الملك‬
                                                                               ‫(زوسر) قرص الشمس في‬
  ‫منه‪ ،‬ويحتوي الهرم من الداخل‬                                               ‫رحلة الشروق ليوم جديد مليء‬
      ‫على عدة ممرات‪ ،‬وكثير من‬                                               ‫بالأحداث‪ ،‬إذا بالحاجب يخبره‬
                                                                          ‫بوصول موكب المهندس العبقري‬
  ‫الدهاليز‪ ،‬وغرف متعددة ُكسيت‬                                               ‫الكبير من صعيد مصر البعيد‪،‬‬
  ‫بعض حوائطها بالخزف الأزرق‬                                                   ‫فتهللت أساريره وفرح كثي ًرا‬
                                                                         ‫وسر عندما شاهد الموكب يخترق‬
     ‫والأخضر‪ ،‬حيث تمت كسوة‬                                                   ‫شوارع (منف) وتجر الأفيال‬
  ‫بعض الجدران بقراميد صغيرة‬                                                    ‫الزحافات التي تحمل القطع‬
                                                                         ‫الصخرية الضخمة التي أحضرها‬
    ‫محدبة من القيشاني الأزرق‪،‬‬                                               ‫لبناء مقبرته الفريدة في نوعها‪،‬‬
 ‫ثبتوا ك ًّل منها في جدارها بثقبين‬                                        ‫والتي ستعد أول مقبرة تبنى من‬

    ‫صغيرين يمر فيهما خيط من‬                                                            ‫الصخور الشديدة‪.‬‬
‫الكتان أو الجلد‪ ،‬ور ُّصوا ك ًّل منها‬                                      ‫بعد شهور بدأ يظهر شكل المبنى‬
                                                                          ‫الذي أخذ شكل المصطبة الكبيرة‪،‬‬
    ‫إلى جوار الأخرى‪ ،‬لكي يقلدوا‬
‫بها هيئة الحصير الفاخر المجدول‬                                                 ‫واستخدم أحجار الجرانيت‬
                                                                         ‫الوردي في بناء حجرة الدفن تحت‬
   ‫الذي كانوا يتخذونه في البيوت‬
 ‫ستا ًرا وزينة‪ .‬كما وجد به دهليز‬                                             ‫سطح الأرض أسفل المصطبة‪،‬‬
‫آخر ُم َز َّين بمثل تلك اللوحات‪ ،‬وبه‬                                     ‫فلما استحسن الملك (زوسر) هذه‬
‫ثلاثة أبواب وهمية تحتوي نقو ًشا‬                                          ‫الفكرة عدل مهندسه من تصميمه‬

                 ‫للملك (زوسر)‪.‬‬                                              ‫وارتفع بمصطبة أخرى فوقها‬
   ‫وقد مر بناء الهرم المدرج بعدة‬                                              ‫ثم ثالثه حتى وصل إلى ست‬
 ‫مراحل‪ ،‬كانت المرحلة الأولى بناء‬                                            ‫درجات كانت كلها مكسوة من‬
  ‫مصطبة مربعة‪ ،‬تواجه جوانبها‬                                              ‫الخارج بالحجر الجيري الأبيض‪.‬‬
  ‫الجهات الأربعة الأصلية‪ ،‬ويبلغ‬
   ‫طول كل ضلع منها حوالي ‪63‬‬
 ‫مت ًرا‪ ،‬وارتفاعها ثمانية أمتار‪ ،‬ثم‬
  ‫أضاف (إيمحوتب) إلى المصطبة‬
‫الأولى مبان َي أخرى‪ ،‬عرضها ثلاثة‬
   ‫أمتار‪ ،‬في كل جوانب المصطبة‪،‬‬

    ‫وشمل التعديل الثاني إضافة‬
   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283