Page 275 - merit 38 feb 2022
P. 275

‫‪273‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫تاريخ‬

   ‫ومتمت ًعا بنفوذ كبير في القصر‬         ‫دينية عميقة‪ ،‬ولهذا ربما تركت‬         ‫والعلماء‪ ،‬وكيف كانوا يعهدون‬
  ‫الملكي‪ ،‬وشغل أكبر وظيفة دينية‬       ‫تأثي ًرا كبي ًرا في حياته‪ .‬وهكذا ولد‬       ‫بالأمور العظيمة الكبيرة إلى‬
  ‫في البلاد بصفته كبير كهنة عين‬       ‫ونشأ (إيمحوتب) كواحد من أبناء‬
                                      ‫الشعب‪ ،‬وعاش حياة شاقة‪ ،‬إلى أن‬           ‫المتخصصين والمتعلمين‪ ،‬حيث‬
      ‫شمس‪ .‬وإليه ينسب النشيد‬                                                   ‫لا ُيذكر هرم (زوسر) المدرج‬
   ‫الجنائزي “اترك الهموم واذكر‬          ‫تزوج من (نفرو– نبت) الجميلة‬              ‫بسقارة ‪-‬وتسمى (سقارة)‬
    ‫الأفراح حتى يأتي اليوم الذي‬        ‫الغنية‪ ،‬فوفرت له جز ًءا من ترف‬       ‫نسبه إلى المعبود (سوكر) معبود‬
   ‫تسافر فيه إلى أرض الصمت”‪.‬‬            ‫الحياة‪ ،‬وساعدته –بالإضافة إلى‬        ‫الجبانة عند المصريين القدماء‪-‬‬
                                       ‫عبقريته الفذة ومواهبه العظيمة–‬            ‫إلا و ُيذكر المهندس والطبيب‬
        ‫وتمضي القرون‪ ،‬ويزداد‬                                                  ‫(إيمحوتب ‪ )Imhotep‬صاحب‬
‫المصريون احترا ًما لهذا العصامي‬           ‫على أن يتبوأ مكانة عظيمة في‬            ‫الفضل في تصميمه‪ ،‬كأعظم‬
                                            ‫قصر الفرعون (زوسر) إلى‬
  ‫العظيم‪ ،‬ويتردد اسمه في الدولة‬           ‫أن يصبح أمينًا لأختام الوجه‬                  ‫شخصية في التاريخ‪.‬‬
    ‫الوسطى‪ ،‬فيمجدون فيه المثل‬         ‫البحري‪ ،‬والأول بعد الملك‪ ،‬وناظ ًرا‬      ‫والمهندس (إيمحوتب)‪ ،‬ومعنى‬
      ‫الأعلى للعبقرية‪ ،‬والتعمق في‬      ‫ومشر ًفا على إدارة القصر الملكي‬        ‫اسمه القادم في سلام‪ ،‬ولد على‬
                                      ‫العالي‪ ،‬وكبير كهنة مدينة (أيونو)‪،‬‬     ‫الأرجح في بلدة (الجبلين) شمالي‬
‫العلوم‪ ،‬وجعله المتعلمون في الدولة‬          ‫عين شمس الحالية‪ ،‬صاحبة‬              ‫إسنا بمحافظة قنا‪ ،‬كان والده‬
    ‫الحديثة على رأس أهل الحكمة‬        ‫الشهرة الفكرية القديمة‪ ،‬ومسجل‬           ‫(كا– نفر) يعمل مدي ًرا للأعمال‬
      ‫والتعاليم والموعظة‪ ،‬وواح ًدا‬         ‫الحوليات‪ ،‬وكبير مستشاري‬          ‫في الوجه القبلي والبحري‪ ،‬وكانت‬
    ‫من رعاتهم‪ ،‬لما له من الفضل‬         ‫الملك (زوسر)‪ ،‬ورئيس النحاتين‪،‬‬          ‫أمه (خردو– عنخ) من المهتمات‬
  ‫الكبير على الطب المصري‪ ،‬الأمر‬       ‫ورئيس المثالين (ناحتي التماثيل)‪،‬‬      ‫بتربية وتعليم أبنائها على ثقافة‬
                                          ‫والمشرف على المدينة الهرمية‪،‬‬
  ‫الذي جعل الأجيال التالية تعبده‬            ‫وكبير الكهنة المرتلين للملك‬
      ‫وتتخذه إل ًها للعلم‪ ،‬ومنشئ‬            ‫(زوسر) وكبير كتاب الإله‪.‬‬

    ‫علومها وفنونها‪ ،‬ومن ثم فقد‬               ‫ومن كثرة ألقابه وتعددها‬
  ‫استحبوا أن يسكبوا قطرات من‬            ‫وتنوعها نجد دلالة واضحة على‬
‫الماء من الأواني الصغيرة المتصلة‬
‫بمعابدهم مع التمتمة باسمه تبر ًكا‬          ‫أنه كان مرتب ًطا كل الارتباط‬
  ‫به‪ ،‬وتكري ًما‪ ،‬وليست قربا ًنا من‬           ‫بالنشاط الفني في عصره‪،‬‬
‫عابد‪ ،‬كلما هموا بأمر خطير‪ .‬وزاد‬
 ‫تقدير المصريين للعبقري العظيم‬
   ‫إلى درجة التأليه‪ ،‬واعتباره ابنًا‬
 ‫للإله (بتاح)‪ ،‬وشبهوه بإله العلم‬

              ‫والحكمة (تحوت)‪.‬‬
‫وفي القرن السابع قبل الميلاد‪ ،‬زاد‬
‫اتصال المصريين بالإغريق‪ ،‬الذين‬

    ‫وقفوا على كتابات (إيمحوتب)‬
 ‫في علوم الطب‪ ،‬وأبوا أن يصدقوا‬

      ‫أن مثل هذا النابغة يمكن أن‬
 ‫يكون بش ًرا كسائر البشر‪ ،‬وإنما‬

     ‫هو إله‪ ،‬ومن ثم فقد اعتبروه‬
    ‫ر ًّبا للطب والشفاء‪ ،‬نظ ًرا لقوة‬
    ‫معرفته في الطب‪ ،‬ونجاحه في‬

      ‫الشفاء بمعجزات‪ ،‬وشبهوه‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280