Page 274 - merit 38 feb 2022
P. 274

‫العـدد ‪38‬‬                         ‫‪272‬‬

                                  ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

‫حصن حدود مصر‪ ،‬وجعل في كل‬            ‫ملك الوجه البحري)‪ ،‬ويتم فيها‬      ‫امتدت فترة حكمة لمدة ‪ 29‬عا ًما‪،‬‬
  ‫منها فرقة من فرق هذا الجيش‪،‬‬     ‫تتويج الفرعون بتاج مملكة الدلتا‬     ‫يؤكدها ضخامة أعماله الإنشائية‬
       ‫كما اعتنى بأعمال الزراعة‬
   ‫والصناعة‪ ،‬واستخراج المعادن‬         ‫الأحمر‪ ،‬ثم جاء من قام بدق‬                         ‫التي قام بها‪.‬‬
     ‫والأحجار الكريمة كالنحاس‬       ‫أحد الأوتاد في الأرض‪ ،‬ثم قام‬     ‫واتخذ (زوسر) من (منف)‪ ،‬التي‬
‫والفيروز من شبه جزيرة سيناء‪،‬‬         ‫بزراعة نبات اللوتس على أحد‬      ‫وضع حجر أساسها الملك (مينا)‪،‬‬
  ‫ولهذا فقد عده المؤرخون ضمن‬          ‫جانبيه‪ ،‬كرمز للوادي‪ ،‬ونبات‬
                                  ‫البردي على الجانب الآخر‪ ،‬كرمز‬         ‫عاصمة له‪ ،‬كما قام باستخراج‬
‫أعظم الفراعنة الذين حكموا مصر‬     ‫للدلتا‪ ،‬وبعدها قام الملك (زوسر)‬       ‫النحاس من سيناء‪ ،‬الأمر الذي‬
   ‫وأخلصوا لها العمل لكي تبدو‬                                            ‫أمن له ثروة كبيرة مكنته من‬
                                      ‫بالقبض على هذا الوتد كرمز‬         ‫القيام بأعمال إنشائية ضخمة‪،‬‬
‫أكثر رقيًا وأعظم تحض ًرا‪ .‬ويعيش‬     ‫لاتحاد مملكتي البلاد‪ ،‬وتعبي ًرا‬  ‫ساعدته على توطيد دعائم الوحدة‬
    ‫أبناؤها في أمن وسلام‪ ،‬وخير‬     ‫عن حرصه الشديد على المحافظة‬        ‫على أسس ثابتة بعد القضاء على‬
                         ‫ونماء‪.‬‬   ‫على هذه الوحدة‪ ،‬ثم اقتاده الكهنة‬   ‫ثورات الدلتا التي ظهرت في عصر‬
                                   ‫إلى معبد الآلهة في مدينة (منف)‬    ‫الأسرة الثانية‪ ،‬كما أهلته لتوسيع‬
   ‫العبقري إيمحوتب‬                                                    ‫دولته جنو ًبا بعد أن بسط نفوذه‬
                                       ‫لتقديم القرابين‪ ،‬واستكمال‬     ‫على النوبيين ومد حدود البلاد إلى‬
‫حكاية الهرم المدرج‪ ،‬أعظم بناء في‬  ‫مراسم الاحتفال بها‪ ،‬وبعد انتهاء‬     ‫ما بعد الجندل الأول في الجنوب‪.‬‬
 ‫التاريخ‪ ،‬حكاية جميلة نعرف من‬                                          ‫غير أنه مما لاشك فيه أن أعظم‬
                                    ‫الاحتفال خرج (زوسر) لتحية‬
        ‫خلالها كيف كان أجدادنا‬      ‫شعبه الذي اصطف على جانبي‬              ‫منجزات (زوسر) هو هرمه‬
           ‫القدماء يقدرون العلم‬                                       ‫المدرج في سقارة‪ ،‬الذي كان يطل‬
                                       ‫الطريق من المعبد إلى القصر‬    ‫على مدينة (منف) العظمى‪ ،‬ويمثل‬
                                      ‫الملكي‪ ،‬حيث يبدأ في مباشرة‬       ‫أقدم أثر كبير الحجم قائم بذاته‬
                                  ‫شئون الحكم‪ ،‬وإدارة كافة شئون‬         ‫ومشيد من الحجر‪ ،‬وأول مقبرة‬
                                                                     ‫ملكية ُبني جزؤها العلوي من كتل‬
                                                          ‫البلاد‪.‬‬
                                    ‫وكان أول قرار اتخذه (زوسر)‬           ‫الأحجار‪ .‬وليس هناك شك في‬
                                   ‫تأليف جيش قوي ليتمكن به من‬         ‫أن الملك (زوسر) قد ُدفن في هذا‬
                                   ‫المحافظة على استقرار الأمور في‬    ‫الهرم المدرج‪ .‬وقد جعل ذلك الملك‬
                                                                      ‫(زوسر) حيًّا في ذاكرة المصريين‬
                                         ‫الداخل‪ ،‬وتأمين البلاد من‬     ‫قرو ًنا طويلة حتى نهاية التاريخ‬
                                             ‫أي خطر خارجي‪ ،‬ثم‬
                                                                                     ‫المصري القديم‪.‬‬

                                  ‫هرم زوسر‬                           ‫تتويج زوسر‬

                                                                         ‫استهل الملك (زوسر) حكمه‬
                                                                     ‫باحتفال عظيم‪ ،‬على غرار ما كان‬
                                                                      ‫متب ًعا‪ ،‬لتتويجه مل ًكا على مصر‪،‬‬

                                                                       ‫افتتح هذا الاحتفال بما أطلقوا‬
                                                                       ‫عليه (طلعة ملك الوجه القبلي)‪،‬‬
                                                                      ‫وفيه يتوج الفرعون بتاج مملكة‬
                                                                     ‫الصعيد الأبيض‪ ،‬ثم تكون (طلعة‬
   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279