Page 289 - merit 38 feb 2022
P. 289

‫‪287‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

                                          ‫قراءة في كتاب‬

                   ‫أشرف البولاقي‪..‬‬                                                ‫عبد الّنبي‬
‫«قنا بين ال ّشهد وال ّدموع‪..‬‬                                                      ‫ع ّبادي‬

‫قراءات وشهادات ثقافية»‬

 ‫عليه وهو سؤال «المُث ّقف‪ ،‬ماهيت ُه‬        ‫زحام الكتابة بمفهومها العام‪ ،‬لكن‬          ‫ل ْم ُيس ّخر شاع ٌر ُمعاصر‪ -‬في‬
      ‫ودور ُه وموقعه من السياق‬              ‫إيمانه بأن الاحتفاظ بـ»حساسية‬
                                                                                    ‫رأيي‪ -‬قلمه شع ًرا وسر ًدا ونق ًدا‬
  ‫الاجتماعي والتّاريخي والأدبي‪.‬‬                ‫الكتابة» لا ُيمك ُن أن يكون إلا‬       ‫للاشتباك مع قضايا الثقافة في‬
  ‫وقد نحتاج ُهنا أن ُنذ ِّكر أنفسنا‬           ‫بمزي ٍد من الكتابة والكتابة كما‬         ‫مصر كما فعل ال ّشاعر أشرف‬
 ‫ببعض المُسلّمات‪ ،‬ومنها أن ليس‬             ‫يدفعه وعيه الحاد بقضايا المجتمع‬           ‫البولاقي‪ ،‬وقد كان اشتباكه مع‬
‫كل ُمبد ٍع ُمث ّقف وإن كانت الثقافة‬          ‫المصري ومشكلاته إلى التع ّرض‬         ‫قضايا الثقافة ُمرك ًزا في ُمستويين‬
 ‫شر ٌط من شروط الإبداع‪ ،‬وليس‬                   ‫لها إيما ًنا بأن تفكيك مثل هذه‬
  ‫ك ّل ُمتعلِّم ُمث ّقف إلا إن رأينا أثر‬       ‫القضايا وتحليل أسبابها ُبغية‬             ‫ُهما؛ «قضايا الفعل الثقافي»‬
‫ذلك التَّعليم في تط ّور وعي المُتعلّم‪،‬‬         ‫اقتراح حلول أو اجتهادات قد‬            ‫وقضايا «الثقافة ال ّسائدة» التي‬
  ‫كما أنه ليس ك ّل أكاديم ّي ُمث ّقف‬            ‫يكون هو ه ّمه الأول والأولى‬         ‫تحك ُم كثي ًرا من الفعل الثقافي في‬
‫بال ّضرورة إذ تبدو عقلية كثير من‬          ‫خا َّص ًة وأن ُمجتمعاتنا لا يبدو أنها‬     ‫بلادنا‪ .‬والواقع أن الاختلاف مع‬
                                          ‫تسي ُر في ركاب الحضارة الإنسانية‬          ‫البولاقي فيما يطرح أو بالطريقة‬
‫الأكاديميين و»ثقافتهم» أقر ُب إلى‬               ‫ح ّرة طليقة‪ ،‬لكنها تسير وفي‬       ‫التي يطرحه بها أم ٌر وار ٌد ومقبو ٌل‬
              ‫«ثقافة المو ّظفين»!‬          ‫أقدامها أحجار وأكياس من الرمل‬           ‫لديه ولدى المُتابع المُنصف‪ ،‬لكنني‬
                                                                                     ‫أظ ّن أننا لن نختلف حول طاقة‬
    ‫لقد ُطرحت مفاهيم كثيرة عن‬                                    ‫العف ّي!(‪)1‬‬      ‫البولاقي التنوير ّية والتثوير ّية التي‬
      ‫المُث ّقف وما تزا ُل ُتطرح ُمنذ‬        ‫إن كتابتي ليست بغرض امتداح‬               ‫ح ّركته طيلة السنوات الماضية‬
     ‫ت ّم استخدام ُمصطلح المث ّقف‬           ‫البولاقي أو ذ ّمه‪ ،‬فهاتان ُمه ّمتان‬     ‫داخل الفعل الثقافي المؤسسي أو‬
      ‫مع مفهوم العقيدة المذهبيّة‬                                                   ‫بين ع ّشاقه ومتابعيه من المثقفين‬
      ‫الأيديولوجية وذلك في عام‬                  ‫يسيرتان وأدوا ُتهما متوفرة‬        ‫والمبدعين الذين سبقوه أو جايلوه‬
                                              ‫لدى كثيرين‪ .‬لكنّني أري ُد قرءاة‬
   ‫‪1792‬م(‪ ،)2‬ثم جاءت تعريفات‬              ‫«البولاقي‪ -‬النّص» وتأطي ِر علاما ِت ِه‬       ‫أو الذين جاءوا من بعده‪ .‬لقد‬
   ‫كثيرة تحاول أن ُتع ِّرف المُثقف‬           ‫ال ّظاهرة والمُضمرة الخفيّة‪ ،‬لأنه‬    ‫استغل ال ّشاعر كل موقع أو واقعة‬
    ‫انطلا ًقا من دوره في المجتمع‪.‬‬            ‫‪-‬في رأيي‪ -‬ظاهر ًة ثقافية تر ُّدنا‬     ‫أو كتاب لطرح ما يؤمن به ويراه‬
                                            ‫لطرح السؤال الذي لم يزل ُمه ًّما‬        ‫ناف ًعا حتَّى أنني كن ُت أشف ُق عليه‬
   ‫لكنني أرى أن صعوبة تعريف‬                ‫ُرغم تكراره و ُرغم تعدد الإجابات‬
  ‫المث َّقف‪ ،‬ليس مر ُّدها إلى عج ٍز في‬                                              ‫من أن تضيع طاقته الإبداعية في‬
  ‫المُصطلح أو ضبابية في المفهوم‪،‬‬
   284   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294