Page 274 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 274

‫العـدد ‪33‬‬                          ‫‪272‬‬

                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫عباس البليدي‪..‬‬

‫عاشق التراث الأصيل‬
                                                             ‫محب جميل‬

      ‫خصو ًصا أنه كان صدي ًقا‬         ‫الأهالي والجيران‪ .‬وصل صيته‬           ‫في ‪ 19‬سبتمبر ‪ ،1996‬فارق‬
   ‫لعازف الرق المعروف محمود‬           ‫‪-‬مع الوقت‪ -‬إلى مأمور المركز‪،‬‬
    ‫رحمي‪ .‬أثبت البليدي كفاءته‬                                              ‫الحياة واحد من ألمع الأصوات‬
 ‫أمام لجنة الاختبار بالمعهد التي‬          ‫والقاضي الشرعي‪ ،‬ووكيل‬         ‫الغنائية التي ظهرت خلال النصف‬
 ‫كانت تضم عبد الوهاب‪ .‬وتفوق‬              ‫النيابة‪ .‬فطلبوا منه الغناء في‬
 ‫بالمعهد حتى تخرج عام ‪،1936‬‬         ‫إحدى الليالي الكبرى بمناسبة عيد‬      ‫الأول من القرن العشرين‪ .‬رحلة‬
                                     ‫ميلاد الملك فاروق الأول‪ .‬وطلبوا‬          ‫مديدة قطعها المطرب عباس‬
     ‫والتحق بالإذاعة الحكومية‪.‬‬      ‫من (عم عصفور) بائع البسبوسة‬
     ‫كان يأخذ برأي أساتذته في‬       ‫أن يلّح عليه‪ ،‬خصو ًصا بعد خوفه‬        ‫البليدي في عالم الطرب جاوزت‬
‫خطواته الفنية‪ ،‬خصو ًصا الشيخ‬          ‫وتردده‪ .‬وافق في النهاية‪ ،‬وغنى‬             ‫الستين عا ًما‪ .‬قدم خلالها‬
  ‫درويش الحريري الذي نصحه‬              ‫لعبد الوهاب (حسدوني وباين‬
    ‫أن يلحن لنفسه حتى يجد له‬         ‫في عينيهم) فانطلقت عاصفة من‬           ‫مجموعة من الأغنيات الرائعة‪،‬‬
 ‫مكا ًنا بين عمالقة الإذاعة‪ .‬فكتب‬      ‫التصفيق والتشجيع في أرجاء‬           ‫والصور الغنائية‪ ،‬والأوبريتات‬
 ‫له أحد الشعراء قصيدة جاء في‬         ‫المكان بما فيها والده‪ .‬بعد انتهاء‬    ‫الإذاعية‪ ،‬كما شارك في عدد من‬
   ‫مطلعها‪« :‬بلبل عندليب الروح‬         ‫الحفل‪ ،‬طلبوا منه أن يفكر جد ًّيا‬      ‫الأفلام السينمائية‪ .‬وكان أحد‬
   ‫أسمر» فلاقت نجا ًحا واس ًعا‪.‬‬      ‫في احتراف الغناء‪ .‬أخبره مأمور‬        ‫الذين حافظوا على الإرث القديم‬
‫كتب له مرسي جميل عزيز وعبد‬             ‫المركز أن المديرية على استعداد‬
  ‫الفتاح مصطفى‪ .‬لحن له محمد‬           ‫لتحمل نفقات سفره إلى القاهرة‬          ‫لمدرسة النهضة الغنائية التي‬
  ‫القصبجي‪ ،‬ومحمود الشريف‪،‬‬             ‫ودراسة الموسيقى‪ ،‬لكنه رفض‬           ‫برزت خلال النصف الثاني من‬
‫وسيد مصطفى‪ ،‬وأحمد صدقي‪،‬‬                ‫بعدما أخبرهم بأن والده تاجر‬
 ‫وآخرين (مجدي الجلاد– فاطمة‬             ‫ميسور الحال‪ ،‬وأن شقي ًقا له‬                  ‫القرن التاسع عشر‪.‬‬
 ‫الرفاعي‪ :‬العندليب الأول عباس‬         ‫بالقاهرة يعمل بالجيش‪ ،‬ورتبته‬           ‫تعلق عباس البليدي (مولود‬
  ‫البليدي‪ ،‬الحلقة الأولى‪ ،‬الأنباء‪،‬‬                                             ‫‪ )1915‬بالطرب منذ نعومة‬
                                           ‫صاغ‪ .‬بدأ شقيقه (شفيق)‬          ‫أظافره‪ ،‬فقد داوم على الاستماع‬
              ‫‪.)1989 /7 /11‬‬                ‫باتخاذ الإجراءات اللازمة‬        ‫إلى الأدوار القديمة والموشحات‬
 ‫أحب البليدي السفر إلى الخارج‪،‬‬             ‫لالتحاقه بمعهد الموسيقى‪،‬‬     ‫إلى جانب حفظه للعديد من أغنيات‬
                                                                            ‫أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب‪.‬‬
                                                                         ‫سمحت له نشأته في إحدى قرى‬
                                                                         ‫شربين القريبة من المنصورة‪ ،‬أن‬
                                                                         ‫يغني في هذا الفضاء الأخضر إلى‬
   269   270   271   272   273   274   275   276