Page 269 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 269

‫‪267‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأى‬

               ‫مارك مانسون‬                   ‫توماس صمويل كون‬                    ‫نكون سعداء إذا ما بحثنا عن‬
                                                                             ‫ال ّسعادة‪ ،‬بل يأتي النّجاح إذا ما‬
  ‫مهرب منهما‪ ،‬وأ ّن علينا أن نقلع‬   ‫ال ّلمبالاة ال ّذكي»(‪ ،)8‬وهو النّضج‬
‫عن محاولة مقاومتهما»(‪ ،)10‬وعادة‬       ‫الذي يصل إليه الإنسان‪ ،‬حال َة‬                         ‫تقبّلنا الخسارة‪.‬‬
                                      ‫أدرك اهتمامه فق ّط بما يستح ّق‬         ‫فإذا كن َت قل ًقا من مواجهة شيء‬
     ‫ما تكون أمجد حقائق الحياة‬                            ‫الاهتمام‪.‬‬          ‫ما في حياتك‪ ،‬ويزداد قلقك بعدم‬
      ‫أكثرها إرها ًقا عند سماعها‪.‬‬
 ‫بينما‪ُ ،‬يعتبر القلق وعدم الاكتفاء‬   ‫ثان ًيا‪ :‬ال ّسعادة مشكلة‬                  ‫وجود ح ّل لهذا القلق‪ ،‬فـ»أنت‬
  ‫مك ِّونان حقيقيان ضمن ال ّطبيعة‬                                              ‫تصير الآن قل ًقا بخصوص ما‬
    ‫البشر ّية‪ ،‬وهما جزآن واجبان‬          ‫يقول «نيتشه»‪« :‬كم تتو ّقف‬             ‫يتعلّق بقلقك»(‪ ،)5‬وتبقى داخل‬
‫لسعادة مستق ّرة؛ فالمعاناة جزء لا‬            ‫ال ّسعادة على القليل من‬
‫يتج ّزأ من ال ّسعادة‪ ،‬فالأولى سبب‬                                            ‫دائرة مغلقة‪ ،‬وهو الإجراء الذي‬
    ‫التّط ّور للحصول على الثّانية؛‬      ‫الأشياء»(‪ ،)9‬فال ّسعادة المُ ْطلقة‬      ‫«يجعل ال ّلمبالاة أم ًرا حسنًا‪.‬‬
 ‫بمعنى آخر‪ ،‬ما المعاناة التي تريد‬   ‫جهل تا ّم بقسوة الحياة‪َ ،‬ف َم َع أ ّول‬      ‫هذا ما يجعل عدم الإفراط في‬
 ‫عيشها وال ّصبر على تح ّملها؟ فلا‬                                               ‫الاهتمام هو ما سينقذ العا َل‪.‬‬
‫وجود لحياة خاليّة من الألم‪ ،‬حياة‬      ‫اختبار ُيصدم المرء‪ ،‬وقد تتغيّر‬
‫دائمة ال ّسعادة والح ّب بين البشر‪،‬‬    ‫حياته رأ ًسا على عقب؛ فالحياة‬             ‫وسوف تنقذه أنت من خلال‬
    ‫في حين‪ ،‬ما يمكن ال ّسعي إليه‬        ‫نوع من أنواع المعاناة لجميع‬         ‫قبولك أ ّن العا َل مكان سيّئ‪ ،‬وأ ّن‬
  ‫هو حياة فيها ُم ْعضلات فاخرة‪،‬‬     ‫البشر بكافة أطيافهم‪ ،‬ومراكزهم‬
 ‫لِ ُيح ّس الإنسان بسعادة بعد حلّه‬     ‫الاجتماعيّة‪ ،‬وفئاتهم العمر ّية‪،‬‬        ‫هذا شيئًا لا بأس به لأ ّن العا َل‬
‫تلك المشاكل‪ ،‬فـ»الخلطة ال ّسحر ّية‬    ‫ك ّل حسب مكانته‪ ،‬وإن اختلفت‬                ‫كان هكذا على ال ّدوام‪ ،‬ولأ ّنه‬
  ‫كامنة في ح ّل تلك المشاكل‪ ،‬لا في‬      ‫المنطلقات وكميّة المعاناة‪ ،‬لكن‬           ‫سيظ ّل هكذا على ال ّدوام»(‪.)6‬‬
‫عدم وجود مشاكل في حياتك»(‪.)11‬‬           ‫النّهاية تكون نفسها غالبًا‪ ،‬إذ‬
                                    ‫«الفكرة المركز ّية في هذه الفلسفة‬          ‫فلا تحاول تغيير الواقع‪ ،‬الذي‬
                                     ‫هي أ ّن الألم والخسارة أمران لا‬            ‫لن يتغيّر أب ًدا‪ِ ،‬ب َق ْدر محاولتك‬
                                                                              ‫الاندماج فيه‪ ،‬والانصهار حتّى‬
                                                                              ‫ُتح ّقق لنفسك معنى في حياتك‪،‬‬

                                                                                 ‫يمنحك طاقة كبيرة ِلواجهة‬
                                                                                 ‫ال ّصعاب والمعاناة‪ ،‬إ ّنه النّوع‬
                                                                             ‫الأقرب للمثاليّة‪ ،‬سيما إذا عرفنا‬
                                                                             ‫أ ّن «الألم خيط من خيوط نسيج‬
                                                                                 ‫الحياة نفسه‪ ،‬وليس اقتلاعه‬
                                                                              ‫من ذلك النّسيج أم ًرا مستحي ًل‬
                                                                                ‫فحسب‪ ،‬بل هو يد ِّمر النّسيج‬
                                                                                ‫نفسه‪ :‬تؤ ّدي محاولة اقتلاعه‬
                                                                              ‫إلى تفكيك ك ّل ما هو مرتبط به‪.‬‬
                                                                              ‫وليست محاولة تفادي الألم إ ّل‬

                                                                            ‫مبالاة بالألم أكثر م ّما يجب‪ .‬وعلى‬
                                                                              ‫العنلّىقيشضيءِم ِنمنهاذلا‪ّ،‬لإمذابالكانة ات ّتقاجاده ًرا‬
                                                                                ‫الألم‪ ،‬فإ ّنك تصير شخ ًصا لا‬
                                                                                          ‫يمكن أن ُي ْق َهر»(‪.)7‬‬
                                                                                 ‫بناء على ما تق ّدم‪ ،‬فالاهتمام‬

                                                                            ‫بالأشياء كلّها يؤ ّدي إلى خسارتها‬
                                                                              ‫كلّها‪ ،‬إذ «هنالك شيء اسمه ف ّن‬
   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274