Page 264 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 264

‫العـدد ‪33‬‬                            ‫‪262‬‬

                                   ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬

   ‫يجسدها الأدباء في نصوصهم‬           ‫تجاه الشرق‪ ،‬سواء المتلازمات‬                             ‫اليهودي»‪.‬‬
     ‫العبرية سواء بهدف إنكارها‬          ‫الثقافية في شكلها القومي أو‬        ‫في حين “أرض الميعاد» بالنسبة‬
    ‫ومحاولات تغييبها عن الوعي‬                                             ‫لأدباء التيار اليساري الماركسي؛‬
                                    ‫الديني‪ ،‬أو الماركسي التقدمي‪ ،‬أو‬         ‫تمثل طليعة للاحتلال التقدمي‬
  ‫الجمعي العالمي‪ ،‬أو بهدف إعادة‬                ‫الليبرالي التوسعي”‪.‬‬
    ‫تفسيرها واستيضاح عمليات‬                                                    ‫المسلح ودعوة لدولة عمالية‬
     ‫التطهير العرقي التي نفذتها‬    ‫رواية الصراع الفلسطيني‪-‬‬               ‫تشارك في النضال الأممي القديم‪،‬‬
      ‫الحركة الصهيونية لتحقيق‬         ‫الإسرائيلي في الأدبيات‬
                                        ‫العبرية الحديثة‬                     ‫وليسوا كما يظن بعض العرب‬
 ‫السيادة الإسرائيلية على الأرض‪.‬‬                                          ‫معادين لوجود مشروع الاحتلال‬
        ‫وقد كان تأسيس جمعية‬        ‫بينما توضح د‪.‬نهلة راحيل‪ ،‬أستاذ‬
                                     ‫الأدب العبري الحديث والمقارن‪،‬‬             ‫الصهيوني‪“ ،‬أرض الميعاد»‬
     ‫“زوخروت” (ذاكرات) ‪-‬بما‬            ‫بكلية الألسن‪ ،‬في جامعة عين‬         ‫بالنسبة لهم هي توجيه المشروع‬
    ‫تنشره من مقالات ونصوص‬             ‫شمس‪ ،‬أن القضية الفلسطينية‬
                                         ‫تعد جز ًءا مركز ًّيا بالأدبيات‬        ‫الصهيوني ليكون “احتلا ًل‬
      ‫وشهادات عن ذاكرة النكبة‬       ‫العبرية الحديثة بأنواعها المختلفة‬           ‫تقدميًّا”‪ ،‬في دولة مزعومة‬
 ‫الفلسطينية بالعبرية والإنجليزية‬        ‫(الشعر‪ /‬القصة‪ /‬المسرح)‪،‬‬               ‫مشتركة بين اليهود والعرب‬
                                                                           ‫رغ ًما عنهم‪ ،‬وإذا عارضوا بعض‬
    ‫والعربية‪ -‬في عام ‪ 2002‬من‬       ‫بوصفها واقعا سياسيًّا‪ -‬اجتماعيًّا‬     ‫سياسات إسرائيل فهم يعارضون‬
    ‫الخطوات المهمة التي أسهمت‬         ‫يمتد جذوره إلى نشأة الحركة‬              ‫الاستيطان في الضفة وغزة‪،‬‬
    ‫في إعادة التفكير في المسلمات‬                                          ‫ولكنهم مع قرار وجود إسرائيل‬
‫الأيديولوجية الراسخة في الذهنية‬      ‫الصهيونية والترويج لاستيطان‬
‫الإسرائيلية ‪-‬الرسمية والشعبية‪-‬‬       ‫فلسطين منذ المؤتمر الصهيوني‬                   ‫وقبلوا قرار التقسيم”‪.‬‬
  ‫عن الحقائق التاريخية الخاصة‬                                               ‫ويتابع‪“ :‬أرض الميعاد بالنسبة‬
     ‫بالنكبة وحق عودة اللاجئين‬          ‫الأول وما رافقه من موجات‬         ‫لأدباء التيار الليبرالي الصهيوني‪،‬‬
                                        ‫الهجرة اليهودية المتتالية إلى‬      ‫هي واحة الديمقراطية والحرية‬
      ‫الفلسطينيين إلى أراضيهم‪.‬‬     ‫فلسطين منذ القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫وتستكمل‪ :‬برزت بعض الأصوات‬                ‫وكان للأدب العبري تأثيره‬              ‫والتحضر في محيط شرقي‬
                                        ‫الملحوظ في تجسيد الأوضاع‬                ‫استبدادي رجعي‪ ،‬وتحمل‬
   ‫الأدبية التي تتجه نحو الكتابة‬                                                ‫السمات العنصرية نفسها‬
  ‫حول موضوعات تتناول النكبة‬                 ‫الاجتماعية والاقتصادية‬       ‫لليبرالية الغربية التي تنظر للعرب‬
‫الفلسطينية‪ ،‬وما تلاها من تهجير‬        ‫والسياسية للجماعات اليهودية‬          ‫كما تنظر الليبرالية الاستعمارية‬
   ‫جماعي ومنع عودة اللاجئين‪،‬‬           ‫في أوروبا‪ ،‬ومن ثم استغلالها‬         ‫الغربية للسود أو الآسيويين أو‬
‫بوصفها أساس علاقة النزاع بين‬         ‫كأحد المبررات الدعائية للحركة‬          ‫الهنود الحمر‪ ،‬ربما يعترضون‬
 ‫إسرائيل والفلسطينيين ثم الدول‬         ‫الصهيونية وطرح إقامة دولة‬             ‫على بعض الممارسات‪ ،‬لكن في‬
                                   ‫لليهود في فلسطين كمخرج وحيد‬                ‫النهاية يتعايشون مع حقائق‬
             ‫العربية بشكل عام‪.‬‬     ‫لما يسمى بالمشكلة اليهودية‪ ،‬وذلك‬        ‫قديمة تعترف بأن ارض الميعاد‬
    ‫وهذه الأصوات الأدبية ‪-‬رغم‬        ‫في إطار سيطرة التيار الالتزامي‬          ‫الخاصة بهم‪ ،‬أقيمت على دماء‬
     ‫قلتها مقارنة بالإنتاج الأدبي‬                                            ‫العرب وربما لتستمر سيكون‬
                                         ‫الذي يعتبر ما يكتبه الأديب‬           ‫عليها إراقة المزيد من الدماء‪.‬‬
       ‫الصهيوني‪ -‬تشكل تهدي ًدا‬     ‫وسيلة لخدمة أيديولوجيا محددة‪.‬‬           ‫وقد تختلف “أرض الميعاد» عند‬
         ‫ملحو ًظا للخطاب الأدبي‬                                          ‫أدباء الصهيونية من تيار أدبي إلى‬
                                       ‫وتضيف راحيل‪ :‬من الطبيعي‬           ‫آخر؛ لكنها في النهاية تمثل التعالي‬
    ‫الإسرائيلي الذي يحاول‪-‬عبر‬              ‫أن تكون أحداث نكبة عام‬            ‫الأوروبي القديم والمتلازمات‬
      ‫نصوصه الإبداعية‪ -‬تعزيز‬                                                ‫الثقافية لـ”المسألة الأوروبية»‬
                                     ‫‪ 1948‬وتهجير الفلسطينيين عن‬
    ‫الحركة الصهيونية وذاكرتها‬        ‫أراضيهم‪ ،‬من أهم القضايا التي‬
     ‫التاريخية‪ ،‬وترسيخ الرواية‬
  ‫الرسمية الخاصة بالصراع مع‬
   ‫الفلسطينيين وبتشكيل الهوية‬
   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269