Page 65 - مجلة ثقافة قانونية - العدد الثالث
P. 65

‫واستشهد الزوج بالجيران الذين أيدوا روايته كاملة‬
            ‫وشهدوا بما رأوه من إهانات واعتداءات بالضرب على‬
            ‫الطفلة‪ ..‬وأنهم كثيراً ما سمعوا صراخها وهى تستغيث‬
            ‫من اعتداءات زوجة أبيها‪ ،‬وانتهى الزوج فى شهادته على‬
            ‫الإصرار بطلب القصاص العادل منها حتى لا يضيع دم‬
            ‫ابنته الوحيدة هدراً‪ ،‬وأنه لن يرتاح له بال ولن يهدأ له‬

                 ‫حال إلا وحبل « عشمأوى» قد لف على رقبتها‪.‬‬

            ‫وبالفعل قضت محكمة أول درجة بإعدام الزوجة‬
            ‫بالإعدام شنقاً بتهمة قتل الطفلة مع سبق الإصرار‬

                                                 ‫والترصد‪.‬‬

            ‫ويقول الأستاذ بهاء أبو شقة‪ ،‬استوقف نظرى أنه‬
            ‫بالكشف الظاهرى على الجثة تبين أنها لفتى فى الثانية‬
            ‫عشر من العمر‪ ..‬ولأن الجثة كانت متقحمة فأن الطبيب‬
            ‫الشرعى لم يستطع أن يحدد كيفية الاعتداء الذى وقع‬
            ‫على المجنى عليها‪ ،‬والآلة المستخدمة فى الاعتداء‪ ،‬فكانت‬
            ‫كلمة «فتى» الذى يبلغ من العمر أثنى عشر عاماً هى‬
            ‫طوق النجاة‪ ،‬هى المفتاح الذى سيفتح الأبواب المغلقة‬
            ‫على الحقيقة إلى قدر لها أن تقبر خلف هذه الأبواب‪.‬‬

            ‫قبلت محكمة النقض الاستئناف على الحكم‪ ،‬وأعادة‬
            ‫محاكمة الطبيبة أمام محكمة أخرى‪ ،‬وفى جلسة النطق‬
            ‫بالحكم حضر الطبيب الشرعى ووسأله أبو شقة عما‬
            ‫إذا كانت الجثة التى عاينها لفتاة أم لولد‪ ..‬فأجاب أنه‬
            ‫عاين جثة لولد عمره أثنى عشرة عام وليس لطفلة‪،‬‬
            ‫ثم سأل الزوج ما قولك فى أقوال الطبيب الشرعى‬
            ‫الذى يؤكد أن الجثة التى قام بالكشف عنها لطفل فى‬
            ‫الثاينة عشر من عمره‪ ،‬فى حين أن ابنتك طفلة ولم‬
            ‫تتعدى السابعة من عمرها؟‪..‬فلم يجيب وتفوه بعبارات‬
            ‫للطبيب الشرعى‪.‬‬
            ‫رفعت المحكمة الجلسة لمدة ‪ 4‬ساعات‪ ..‬وجاءت لحظة‬
            ‫الحسم‪ ..‬قررت المحكمة ببراءة المتهمة مما أسند إليها‬
                                                                                 ‫من اتهام‪.‬‬
            ‫بعد مرور فترة من الزمن وذات يوم جاءت الطبيبة‬
            ‫لزيارة الأستاذ بهاء أبو شقة كالمعتاد‪ ..‬كان الحزن‬
            ‫يمـلأ عينيهـا وهـى ترتدى ملابس الحداد‪ ،‬وأخبرتنى‬
            ‫بصوت مفجوع بأن زوجها قد لقى حتفه فى الخارج فى‬
            ‫حادث أليم‪ ..‬إذا كتشفت زوجتـه الأجنبيـة التـى تكبـره‬
            ‫بعشـرات السنين َّأنه يعبث بمشاعرها‪ ..‬وبخيانتـه لهـا‪..‬‬
            ‫واسـتيلائه عـلى أموالهـا التـى ائتمنته عليها وألقت يده‬
            ‫فى التصرف فيها‪ ..‬كما اكتشـفت وتأكـدت َّأنـه قـد‬                                   ‫من بين يـديها‪ ..‬وشـكت الطفلـة للجيـران سوء معاملة‬           ‫ظروفها وجمع كافة المعلومات العامة والخاصة عنها‪..‬‬
            ‫أعد الخطة للتخلص منها والهرب بأموالها‪ ..‬فقررت‬                                     ‫زوجة أبيها لهـا‪ ،‬وأنهـا تهـددها بكيهـا بالنـار والمـوت لـو‬  ‫كانت على وشك أن يفوتها قطار الزواج وأن تلحق بقطار‬
            ‫الخلاص منـه حتـى لاينعم بثروتها‪.‬‬                                                                                                              ‫العوانس‪ ..‬كانت دميمة ترتدة «نظارة» سميكة متهالكة‪..‬‬
            ‫وكانت المفاجأة الكبرى التى هزت كيأنها‪ ..‬وبدت‬                                                       ‫َّأنهـا تحدثت مع أمها مرة أخرى‪ .‬‬           ‫شعرها «أكرت»‪ ..‬ليس بها مسحة جمال تغرى أى شاب‬
            ‫شعورها نحوه وأنه كان وهماً لا يستحق أن ابنته مازالت‬                               ‫ولم تمض على هذه الواقعة سوى أيام قليلة‪..‬وخرجت‬               ‫على التفكير فى الارتباط بها‪ ..‬ولكنها فى المقابل وهو‬
            ‫على قيد الحياة‪ ،‬وأنها كانت فى صحبته فى الخارج‬                                     ‫الطبيبـة لعملهـا بالمستشفى كالمعتاد وتركت الطفلـة‬           ‫المهم بالنسبة لهذا الشاب ‪ ،‬كانت تملك أرصدة كبيرة فى‬
            ‫وقد أعادتها السفارة إلى أمها‪.‬‬                                                     ‫وحـدها كالعـادة بالشـقة‪ ..‬وعـادت فى الظهيرة ودقت‬            ‫البنوك فقد عاشت فترة من الزمن تعمل ببلاد النفط‪.‬‬
            ‫ونشطت الشرطة بعد هذا البلاغ وأجرت التحريات‬                                        ‫جرس البـاب ولم يفـتح أحـد‪ ..‬اعتقـدت للوهلـة الأولى‬          ‫‪ ‬وبدأ العنكبوت ينسج خيوطه حولها‪ ،‬ولم تصمد‬
            ‫ً بحثـا عـن الحقيقـة‪ ،‬وقد تحققت من هذه التحريات‬                                   ‫أن الطفلة نائمة وقامت بفتح الباب بالمفتاح الذى تحمله‬        ‫طويلاً أمام فنونه ودرايته وخبرته فى الإيقاع بالنساء‪..‬‬
            ‫أن الـزوج هـو الـذى دبرهـا لكـى بتخلص من زوجته‬                                    ‫معها‪ ..‬ودخلت الشقة ونادت عليها ولم يرد أحد‪ ،‬وما إن‬          ‫تمت الخطة ووقعت ألفريسة فى الزواج‪ ،‬وبرور الأيام‬
            ‫الطبيبة ويعيش مع صيده الجديد ويرث أموالها بعـد‬                                    ‫فتحت باب إحدى الغرف الخاليـة بالشـقة تسمرت فى‬               ‫تحولت إلى «عجينة» بين أسنأنه‪..‬وزاد لين هذه العجينة‬
            ‫إعـدامها‪ ..‬ودبر فى ندالة وخسة بلا ضـمير لإنجـاح‬                                   ‫مكأنها عندما وجدت الطفلة ملقـاة عـلى الأرض وهـى‬             ‫حينما تبين أنها عاقر‪ ..‬وبدلأ من أن تتخذ من الطفلة‬
            ‫فكرتـه الشـيطانية فـاتفق مـع «تربى» كى يحضرله جثة‬                                 ‫جثـة متفحمة‪ ..‬وعقدت المفاجأة لسأنها لبرهة يسيرة‬             ‫ابنة زوجها ابنة لها تعوضها عن أمومتها المفقودة‪ ،‬بدأت‬
            ‫االبنطتهبتوحفتيـىتيدفرىبتوالهـاط‪.‬ل‪.‬ا مبوهعلًميـاهاإ‪،‬يـإالهاَّأنأـنه‬  ‫فتاة فى سن‬                                                               ‫تفتح النيران على الطفلة وتملكتها الغيرة منها‪ ..‬وكلما‬
                                                                                 ‫أستاذ بكلية‬                ‫وخرجت تصـرخ وتسـتغيث بالجيران‪.‬‬                ‫نظرت إليها تذكرت كلمات الجمال التى كان يرددها والد‬
            ‫القدر لم ينصفه ووقـف إلى جانـب زوجتـه لينقـذها مـن‬                                ‫وحضـر الـزوج وبكـى بكـاء َّمريراً بهيستيريا وهو يصرخ‬        ‫الطفلة عن أمها‪ ،‬وقررت منع الطفلة من الاتصال بأمها‬
            ‫حبـل المشـنقة‪ ،‬إذ لم يتمكن «التربى» من العثور على جثة‬                             ‫بأنه فقد أعز شئ لديه‪..‬خسر ابنته الوحيدة التى خرج‬            ‫بأية وسيلة‪ ،‬ومنعها من الخروج والاتصال بالتليفون‪،‬‬
            ‫لطفلة ميتة حديثا‪ ..‬وكل ما وقع تحت يده جثة هذا‬                                     ‫بها من الدنيا‪ ..‬أمله الوحيد فى الحياة‪ ..‬فلم يكن أمامه‬        ‫بالإضافة للتجسس على زوجها خوفا من أن يتركها‪.‬‬
‫يوليو ‪2024‬‬  ‫الطفل‪ ..‬فقدمها إليه‪ ..‬وتسلمها منه فى عجلة من أمره‪..‬‬                               ‫فى الحياة من أمل فى الذرية سواها خاصة وأن زوجته‬             ‫أحس الزوج أنها أصبحت كابوساً تجثم على صدره‬
            ‫دون أن يتبين أمر هذه الجثة‪ ..‬ووضعها فى عجالة فى‬                                   ‫الطبيبة عاقر‪..‬كال لزوجته الاتهام‪ ..‬وهم فى ثورته‬             ‫وقيداً على نزواته ومغامراته الطائشة‪ ،‬وذات مرة عادت‬
            ‫الشـقة وسـكب عليهـا البنـزين ونفـذ جريمته دون أن يدرى‬                             ‫العارمة بالاعتداء عليها‪ ..‬لولا إبعاد رجال الشرطة لـه‪،‬‬       ‫الطبيبة من عملها ورأت الطفلة تتحدث مع أمها فى‬
            ‫فيما إذا كانت الجثة ً ذكرا أم أنثى وأشعل فيهـا النيـران‪.‬‬                          ‫وصاح الأب وصرخ صرخة مـن أعماقه َّ اهتزت لها قلوب‬            ‫التليفون فلم تتمالك نفسها وأنهالت عليها بالضرب‬
                                                                                              ‫رجال التحقيق‪..‬الحقيقة واضـحة مثـل الشـمس‪..‬هى‬                ‫المبرح وزادت صرخات الطفلة وحضر الجيران وأنقذوها‬
                                                                                              ‫التى قتلت ابنته وحرقتها وأنهـا مجرمـة آثمـة يـديها‬

                                                                                                                           ‫ملوثـة بـدماء ابنتـه‪.‬‬

‫‪65‬‬
   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70