Page 17 - merit 52
P. 17
15 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
(أمينة رشيد أو العبور إلى
الآخر) ،وينقسم الكتاب
إلى عدة فصول ،تبدأ
بتوثيق عدد من التواريخ
المهمة في مسيرة أمينة
رشيد ومحطات من
إنجازها العلمي والمهني،
وما حظيت به من تكريم
عالمي ،ثم الفصل الأول
الذي يركز على نشأتها،
وتكوينها الثقافي ،ونشاطها
السياسي ،حتى يبدأ
الفصل الثاني الذي
يتناول مشوارها العلمي
بوصفها باحثة وأستاذة
ألبير قصيري شاهندا مقلد جون شتاينبك للأدب المقارن ،ثم فصل
ثالث يجمع مختارات
وهمومها المختلفة كذلك .ولم تقف حدود الوساطة من كتاباتها في مجال الدرس النقدي ،والكتابة عن
عند النشأة في طبقة أرستقراطية بالطبع ،لكن هذه
ذاتها ،ل ُيختتم الكتاب بفصل عن شهادات حول أمينة
الوساطة ظهرت كذلك في تطلعات أمينة رشيد رشيد لعدد من أصدقائها وتلاميذها يعبرون جمي ًعا
للعبور من هذه الطبقة إلى هموم الطبقات الكادحة،
حيث ظلت هي أمينة هانم رشيد ابنة الطبقة الغنية، فيها عن جوانب مختلفة من حياتها ،ما بين الحياة
التي سعت طوال مسيرتها للدفاع عن أزمات الأكاديمية ،والحياة الشخصية ،ومسيرتها النضالية،
الطبقات الفقيرة وتحريرها بقدر المستطاع.
وعملها أستاذة جامعية وباحثة.
ومن أشكال الوساطة في حياتها ما تلقته من تعليم
فرنسي بالأساس ،ثم دراستها للعربية ،والمراوحة وكانت (الوساطة) -بجانب (الالتزام) -مفتا ًحا
بين لغتين ،تمثل إحداهما لغة الأسرة والمناسبات لتوصيف حياة رشيد من وجهة نظر سلمى مبارك،
العامة والتعليم وهي الفرنسية ،والأخرى تمثل حيث «تندرج مسيرة أمينة رشيد الاستثنائية
لغة الخدم والعاملين وهي العربية ،وهكذا نشأت
صورة أخرى من الوساطة يمكن وصفها بالوساطة تحت شعار الوساطة ،وهي وساطة قوامها تكرار
اللغوية ،والمزاوجة بين ثقافتين ،حرصت أمينة الانتقال والعبور بصورة تمتد نحو الآخر و ُتسقط
فيها على الاقتراب من العربية وتراثها وأدبها ،مثل الحدود ،وتسعى للوصل بين الضمائر ،والمعارف،
محاولتها الاقتراب من الطبقات الأخرى لتحقيق والثقافات ،والعوالم المتعددة»( ،)2وهو توصيف لا
عبور بشكل آخر ،وعلى الرغم من هذه الوساطة
الثقافية فإنها لم ُتشعرها بانقسام كبير ،لأنها ظلت تفوته الدقة في التعبير عن شخصية أمينة رشيد،
منتمية إلى المجتمع المصري والثقافة العربية ،انتما ًء
دفعها إلى ترك باريس ،رغم كل الإغراءات ،بعد حيث امتدت جذور الوساطة إلى نقاط بعيدة في
الانتهاء من رسالتها للدكتوراه والعودة إلى مصر،
حياتها -كما يقدمها الكتاب -بدأت من نشأتها في
أسرة أرستقراطية ،فهي حفيدة إسماعيل صدقي
باشا ،رئيس وزراء حكومة الملك فاروق ،حيث
أسفرت هذه النشأة عن إسهام في تكوين شخصية
رشيد بصورة لا تخلو من توترات دائمة تعبر عن
التربية داخل بيئة لها توجهاتها ومصالحها المعروفة
وقتها ،في مقابل الطبقات الأخرى بتشكلاتها المختلفة