Page 18 - merit 52
P. 18
التزام أمينة رشيد ظهر عبر صور
مختلفة ،منها ما تبدى من نشأتها
المتوترة داخل بيئة أرستقراطية
توصلت إلى أنها لا تشعر بالانتماء
الكافي إليها ،فبدأت تمد عيونها إلى
واقع مغاير يعبر عن هموم طبقات
أخرى ،هموم أكثر قسوة وضراوة
وقي ًدا ،ووجدت داخل الفكر الماركسي
ومفاهيمه وتوجهاته ما يمدها
بمقومات العبور هذه بين الطبقات،
أمينة رشيد وما يمدها بمقومات تعينها على
والالتفات إلى أوجه الاختلاف تحقيق ما ترجوه..
والتشابه أي ًضا ،من مبدأ أن الأدب
يعبر عن هموم مجتمعه الناشئ ،لكن لكن هذا لم يمنعها من التعبير عن انقسامها أثناء
تظل هناك هموم مشتركة وواحدة في كل المجتمعات سفرها لإعداد رسالتها في فرنسا( ،)3انقسام عكس
شعور عدد كبير من الطلاب العرب والأفارقة في بلد
تقريبًا وإن اختلفت صورها. أوروبي ،في وقت كان يموج العالم فيه من حولهم
وما ساعدها في عبور هذه الأسوار الثقافية كان
بحروب وصراعات وثورات غيرت شكل التاريخ
شغفها بالقراءة والكتب ،وتقدير قيمة الخيال، الحديث ،وهي تصرح بهذا قائلة« :نشتم الغرب
والعناية بفن الرواية بوصفه الفن الأكثر تعبي ًرا عن ونستمتع بملذاته ،نشجب السياسات الاستعمارية،
هموم الطبقة المتوسطة في المجتمعات الحديثة ،وتعبر ونبتهج بحرية الحديث التي لم يكن أغلبنا يجدها
هي عن تجربة القراءة والاطلاع في فترة دراستها في وطنه»( ،)4حيث كانت فرنسا بثقافتها الحرة
للدكتوراه بفرنسا أنها كانت شغلها الشاغل «قرأت ملا ًذا لتكوين جانب مهم من جوانب شخصية أمينة
رشيد ،وفي الوقت نفسه ظلت معاناة المجتمع العربي
كثيرا في هذه الفترة .أقرأ في العلاقات بين العرب
وأوروبا في العصور الوسطى ،أبحث عن كل حاضرة في حياتها ونضالها.
ومن الوساطة اللغوية هذه تبلور اهتمامها بالأدب
التأثيرات العربية المعروفة وغير المعروفة ،وأذهب
بانتظام إلى المكتبة الأهلية ،أقضي فيها ساعات المقارن ،وقد خصصت سلمى مبارك الفصل
الثاني من كتابها لتتبع مسيرة أمينة رشيد العلمية
طويلة ،سعيدة ومنهكة ،أغرق في قراءات صعبة لم والأكاديمية -باحثة الأدب المقارن ذات الرؤية كما
أكن مؤهلة لاستيعابها ،)5(»..فهذه الثقافة الواسعة
ضمنت لها قد ًرا كبي ًرا من شمولية الاطلاع ،وأتاحت وصفتها -وحرصها على دراسة الأدبين العربي
والفرنسي ،في محاولة لمد جسور الترابط بينهما،
لها تكوين وجهة نظر تضع في الاعتبار الرؤى
المختلفة والتوجهات المتعددة والاختلافات بكل
درجاتها.