Page 12 - merit 52
P. 12

‫العـدد ‪52‬‬                                  ‫‪10‬‬

                                              ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

      ‫أدعية كان يرددها النبي إلى سور مثل‬      ‫سمعت به إلا هذه الساعة‪،‬‬
   ‫المعوذتين‪ ،‬وأن بعض الآيات تم اكتشافها‬        ‫قال‪ :‬فسكتا جمي ًعا حتى‬
 ‫بالصدفة‪ ،‬مما يرمي إلى غياب «الإحكام» في‬         ‫فرغ من قصصه‪ ،‬فقال‬
   ‫عملية الجمع‪ ،‬وهذا يتعارض مع أحاديث‬          ‫له يحيى‪ :‬من حدثك بهذا‬
  ‫أخرى تقول إن جبري ًل كان يراجع القرآن‬        ‫الحديث؟ فقال‪ :‬أحمد بن‬
‫مع النبي كل عام‪ ،‬وهو ما يتعارض –كذلك‪-‬‬           ‫حنبل ويحيى بن معين‪،‬‬
 ‫مع أحاديث تقول إن النبي لم ي َر جبري ًل إلا‬   ‫فقال أنا ابن معين‪ ،‬وهذا‬
‫مرتين‪ ،‬واحدة في غار حراء حينما أنزل عليه‬
   ‫آيان «القلم»‪ ،‬والثانية عند سدرة المنتهى!‬   ‫أحمد بن حنبل‪ ،‬ما سمعنا‬
                                              ‫بهذا قط في حديث رسول‬
       ‫هذه التناقضات والتضعيفات يعرفها‬         ‫الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
      ‫المعممون من مدرسي المواد الدينية في‬     ‫فإن كان ولا بد من الكذب‬
  ‫المدارس والمعاهد والجامعات‪ ،‬ويتصرفون‬         ‫فعلى غيرنا‪ ،‬فقال له‪ :‬أنت‬
      ‫حيالها بأحد أمرين‪ :‬أنهم يقبلونها على‬
   ‫علاتها بشكل منفرد‪ ،‬دون أن يضعوا تلك‬            ‫يحيى بن معين؟ قال‪:‬‬
 ‫المواد متجاورة ليكشفوا تناقضها وخطرها‬          ‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬لم أزل أسمع‬
‫على العقيدة نفسها‪ ،‬أو أنهم يرون ويقارنون‬
   ‫لكنهم يسكتون عنها‪ ،‬باعتبار أن فتح تلك‬          ‫أن يحيى بن معين أحمق‪ ،‬وما علمته إلا‬
   ‫الموضوعات لا ينفع بقدر ما يضر‪ ،‬لكنهم‬          ‫هذه الساعة‪ ،‬فقال له يحيى‪ :‬وكيف علمت‬
    ‫يغفلون أن غيرهم لا يسكت‪ ،‬خاصة من‬            ‫أني أحمق؟ قال‪ :‬كأنه ليس في الدنيا يحيى‬
    ‫المستشرقين الذين يعملون على الديانات‬         ‫بن معين وأحمد بن حنبل غيركما‪ ،‬كتبت‬
     ‫القديمة جمي ًعا ويفندون كتبها وآثارها‪،‬‬      ‫عن سبعة عشر أحمد بن حنبل غير هذا‪.‬‬
 ‫ويختبرونها في ضوء المعارف الجديدة التي‬
    ‫توصل إليها العلم‪ ،‬والتي لا تترك حج ًرا‬        ‫قال فوضع أحمد كمه على وجهه وقال‪:‬‬
     ‫إلا قلبته‪ ،‬من أول حقيقة وجود الرسل‪،‬‬         ‫دعه يقوم‪ ،‬فقام كالمستهزئ بهما‪ .‬فهؤلاء‬
  ‫مرو ًرا بحقيقة نزول الرسالات من السماء‬      ‫الطوائف كذبة على رسول الله صلى الله عليه‬
     ‫أو انتحالها بغرض السيطرة على الدنيا‬
   ‫ومقدراتها من سلطة ومال‪ ،‬وليس انتهاء‬                     ‫وسلم‪ ،‬ومن يجرى مجراهم”‪.‬‬
    ‫بتمحيص كل رواية وكل حدث وعرضه‬
 ‫على العقل لقبوله أو رفضه‪ ..‬وهذا معناه أن‬                    ‫‪9‬‬
 ‫السكوت قد يكون مفي ًدا على المدى القصير‪،‬‬
    ‫لكن الوقت سيأتي حت ًما ليكون الشيوخ‬            ‫كثير من الأحاديث المنسوبة إلى النبي‬
‫مطالبين بتقديم إجابات‪ ،‬وإلا ضعف الخطاب‬        ‫(ص) في الكتب العمد‪ ،‬مثل البخاري ومسلم‬

                      ‫الإيماني كله وانهار‪.‬‬      ‫ومسند أحمد وابن ماجه والموطأ وغيرها‪،‬‬
                                                ‫تشكك في صحة القرآن الذي جمعه عثمان‬
               ‫‪10‬‬                             ‫بن عفان‪ ،‬والذي هو –بنسبة كبيرة‪ -‬المتداول‬
                                                 ‫بين أيادي المسلمين وغيرهم الآن‪ ،‬والذي‬
    ‫السؤال الأخير هو سؤال علاقة الدين‬
       ‫بالعلم‪ ،‬في ظل التسارع الكبير للعلم‬        ‫نأخذ عنه ديننا‪ ،‬وتلك الأحاديث منسوبة‬
                                                ‫إلى كبار الصحابة المقربين من النبي‪ ،‬مثل‬
  ‫ومعارفه وأدواته في المائتي سنة الأخيرة‪،‬‬     ‫عائشة بنت أبي بكر وعثمان بن عفان وزيد‬

                                                  ‫بن ثابت وعبد الله بن مسعود‪ ،‬وأسباب‬
                                              ‫التضعيف تختلف من نسيان آيات‪ ،‬وضياع‬

                                                   ‫أخرى لأن «الداجن» أكلها‪ ،‬ومن وجود‬
                                                 ‫«لحن» فيه بسبب «ال ُكتَّاب»‪ ،‬بل وتحويل‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17