Page 11 - merit 52
P. 11

‫افتتاحية ‪9‬‬

              ‫والجامعات وما يقترن به من‬           ‫أبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬والحاكم‬
               ‫قرائن وبراهين‪ ،‬ويصدق أن‬            ‫وقال‪ :‬صحيح على شرط مسلم‪ .‬وقال عنه‬
              ‫مدة حمل المرأة أربع سنوات‪،‬‬            ‫ابن تيمية‪( :‬هو حديث صحيح مشهور)‪،‬‬
               ‫أو أن الاتصال الجنسي بين‬            ‫وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة‪.‬‬
                                                ‫ونصه‪“ :‬افترقت اليهود على إحدى وسبعين‬
                 ‫رجل وامرأة يمكن أن يتم‬
                 ‫على بعد آلاف الأميال‪ ،‬مع‬              ‫فرقة‪ ،‬وافترقت النصارى على اثنتين‬
               ‫ما يترتب على هذا الاتصال‪،‬‬            ‫وسبعين فرقة‪ ،‬وستفترق هذه الأمة على‬
                 ‫لمجرد أن هذه «الخرافات»‬        ‫ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة»‬
                                                   ‫قيل‪ :‬من هي يا رسول الله؟ قال‪ :‬من كان‬
                    ‫جاءت في كتب قديمة؟‬            ‫على مثل ما أنا عليه وأصحابي‪ .‬وفي بعض‬
             ‫هذا السؤال يفتح باب صدقية‬             ‫الروايات‪ :‬هي الجماعة” (ورواية الجماعة‬
                                                 ‫عن معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬والكلام عن أبي‬
                ‫الكتب القديمة نفسها‪ ،‬وإن‬
               ‫كان كل كتاب يأخذ قداسته‬                 ‫سفيان ومعاوية وإسلامهما يطول!)‪.‬‬
             ‫من ِق َد ِم ِه فقط‪ ،‬وأي ًضا صدقية‬    ‫السؤال الصعب في هذا الباب هو‪ :‬من الذي‬
              ‫الرواة أنفسهم مهما أحاطهم‬
‫المحدثون بالتوقير‪ ،‬فهذه الكتب نفسها تروي‬           ‫يحدد ما هو الصواب وما هو الخطأ؟ من‬
 ‫عن أكاذيب هؤلاء الرواة أنفسهم ووضعهم‬           ‫هي الفرقة الناجية ومن الفرق التي في النار؟‬
      ‫للأحاديث التي ينزلها المحدثون منزلة‬
    ‫القرآن‪ ،‬مما يضع الباحث الآن في موقف‬           ‫وهل ثمة مفر من النار بالنسبة للفرق غير‬
‫ش ٍّك من كل تلك الآثار‪ ،‬وبالتالي عدم تصديق‬         ‫الناجية بعد حديث الرسول الذي لا ينطق‬
 ‫لكل من يرددونها بقداسة زائفة‪ ،‬وسأكتفي‬             ‫عن الهوى إن هو وحي يوحى؟ وإذا كان‬
   ‫هنا بإيراد مثال واحد‪ ،‬وسوف أتوسع في‬
                ‫الموضوع حين يحين وقته‪.‬‬                ‫واحد فقط سيدخل الجنة من كل ثلاثة‬
 ‫فقد ورد في تفسير القرطبي‪ ،‬ج ‪ ،١‬الصفحة‬            ‫وسبعين من بين المسلمين فقط‪ ،‬ناهيك عن‬
     ‫‪“ :٧٩‬ومنهم قوم من السؤال والمكدين‬
 ‫يقفون في الأسواق والمساجد‪ ،‬فيضعون على‬              ‫أنه –حسب الرواية الإسلامية‪ -‬لن يقبل‬
    ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث‬           ‫الله غير المسلمين‪ ،‬وبالتالي سيدخلون النار‬
     ‫بأسانيد صحاح قد حفظوها‪ ،‬فيذكرون‬            ‫جمي ًعا‪ ،‬وهم حوالي ‪ %77‬من سكان الأرض‪،‬‬
   ‫الموضوعات بتلك الأسانيد‪ ،‬قال جعفر بن‬
      ‫محمد الطيالسي‪ :‬صلى أحمد بن حنبل‬               ‫فإن صحت تلك الروايات فإن الأصل أن‬
      ‫ويحيى بن معين‪ ،‬في مسجد الرصافة‪،‬‬              ‫الناس سيدخلون النار جمي ًعا‪ ،‬ما عدا قلة‬
   ‫فقام بين أيديهما قاص فقال‪ :‬حدثنا أحمد‬
  ‫بن حنبل ويحيى بن معين قالا‪ :‬أنبأنا عبد‬                                           ‫قليلة!‬
 ‫الرزاق قال‪ :‬أنبأنا معمر عن قتادة عن أنس‬
  ‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬                        ‫‪8‬‬
    ‫من قال لا إله إلا الله ُيخلق من كل كلمة‬
 ‫منها طائر منقاره من ذهب وريشه مرجان‪.‬‬           ‫دون استخفاف بأي خطابات دينية إسلامية‪،‬‬
     ‫وأخذ في قصته نح ٍو من عشرين ورقة‪،‬‬                  ‫أو بأي من المعممين الذين يرددونها‬
‫فجعل أحمد ينظر إلى يحيى ويحيى ينظر إلى‬                ‫باعتبارها دينًا‪ ،‬أو –حتى‪ -‬معلو ًما من‬
‫أحمد‪ ،‬فقال‪ :‬أنت حدثته بهذا؟ فقال‪ :‬والله ما‬
                                                  ‫الدين بالضرورة لها منزلة القداسة ويؤ َّثم‬
                                                   ‫من يخرج عليها أو لا يصدقها وينتقدها‪،‬‬
                                                   ‫بل ويخرج من الملة ويهدر دمه‪« :‬من ب َّدل‬
                                                    ‫دينه فاقتلوه» (صحيح البخاري ‪،6922‬‬
                                                   ‫عن عكرمة)‪ ..‬كيف لعاقل أن يك ِّذب عينيه‬
                                                   ‫وخبراته و» ِعل َم ُه» الذي تعلمه في المدارس‬
   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16