Page 8 - merit 52
P. 8
العـدد 52 6
أبريل ٢٠٢3
يكتب لكي يدرك كل ذي عقل أنه –بملكاته «التدرج» هنا ليس تعوي ًل
الشخصية المحدودة -لا يستطيع أن يقول صائبًا ،لأن الخبر الذي
ما ينقله من عنده هو ..كيف يستقيم ذلك مع حمله أحد الأنبياء سمع
الروايات التي تتحدث عن “معجزة” الإسراء به بعض الناس ،الذين
من الممكن ألا يسمعوا
والمعراج ،وأن العنكبوب نسج خيوطه،
والحمام ع َّشش وباض ،وفرس سراقة عن خبر نبي آخر سيأتي
انغرس في الأرض في رحلة الهجرة إلى بعد نصف قرن أو يزيد،
المدينة؟ وكيف يمكن فهم أن «سراقة» نفسه
لم يؤمن بالرغم مما رأى بعينيه؟ وكيف خصو ًصا أن الأنبياء
يمكن فهم الحديث عن القدرات الخاصة –الذين نعرفهم -نزلوا
للنبي؟ هل هو عادي اختاره الله هكذا لينقل في أماكن بعيدة نسبيًّا،
كلامه عب َره أم هو خارق وغير عادي؟ ومختلفة :في مصر والشام
ما أود أن اقوله في هذه النقطة أن «الله» إن والجزيرة العربية في
أراد أن يربك الخلق ،ويجعلهم تائهين لا وقت تتقطع فيه السبل
يعرفون الصواب من الخطأ ،لن يفعل معهم بين الناس ..فهل طريقة
إلا ما فعل :يخلق لهم عقو ًل محدودة القدرة،
ويقدر لهم مسلكها في الحياة قبل أن توجد التجزيء هذه هي الأفضل؟ أم كان من
بملايين السنين ،ويرسل لهم أنبياء متعددين المستحسن أن تنزل رسالة واحدة تصل
متباعدين في زمن تتخلف فيه وسائل للناس -حين تصل -فيعرفونها ويعملون
الاتصال وسبل الحياة عمو ًما ،والعلم في
مقدمتها ،لكي يقتتلوا حول قداسة وصدق بها دون تحديثات قد لا يعرفونها؟
4
ماذا لو أضفنا إلى هذه الأسئلة سؤال
التعصب لفكرة أو لمعتقد أو لنبي ،والتعصب
مع القدرات المحدودة للعقل البشري مع
التعصب القبلي والمصالح الاقتصادية..
إلخ ،قد تجعل الإنسان يعاند ويقاوم قبول
الجديد ،خاصة أن النبي محمد (ص) على
سبيل المثال ،لم يأ ِت بمعجزة مرئية قاطعة
قاصمة تلجم الألسنة وتدحض حجج
المعارضين لنبوته ورسالته ،فكل ما كان
متوف ًرا هو روايته هو نفسه عن أن ال َم َلك
جبريل يتنزل له ويملي عليه كلا ًما ليبلغه
للناس ،فماذا لو ُهيِّأ له هو نفسه ما يقوله؟
وكيف يمكن فهم التناقضات بين ما ينقله
من «قرآن» أو مواقف حياتية؟ أو بين
القرآن المواقف الحياتية نفسها؟ بمعنى:
كيف يستقيم النص الذي يقول إن النبي فرد
عادي لا معجزات له ،وأنه مجرد ناقل لما
يملى عليه ،وأن الله اختاره أميًّا لا يقرأ ولا