Page 70 - merit 54
P. 70

‫العـدد ‪54‬‬                          ‫‪68‬‬

                                   ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫مهدي القريشي‬

‫(العراق)‬

‫السن الذي يتراقص فر ًحا هو سني‬

   ‫وأنا أتساءل مع نفسي‪ ،‬لماذا لم‬   ‫لا يتبادلن التحايا ولا الابتسامات‬    ‫كثي ًرا ما أهملت اوجا َع أسناني‪،‬‬
     ‫يرش عليها من حكمته شيئًا‬                   ‫ولا الأحاديث اللينة‪.‬‬  ‫وكثي ًرا ما كانت تناديني من تحت‬
                   ‫مدعي العقل‪،‬‬
                          ‫هذا؟!‬       ‫الأوجاع تتركز في جذر السن‪،‬‬                         ‫ستار خجول‬
                                           ‫فيتشيطن بتمرير أوجاعه‬       ‫أن أذهب بها إلى النهر للاغتسال‪،‬‬
     ‫هل كانت حكمته مفرطة ولا‬
          ‫يستطيع لملمة أوشالها‪،‬‬     ‫من تحت الألياف الغافية فيجعلها‬           ‫أو بمثل ما يفعل المراهقون‬
                                                    ‫منتفخة حمراء‪.‬‬          ‫لاصطياد المراهقات بضحكة‬
      ‫أم مط ًرا مزقته العاصفة‪ ،‬أم‬
         ‫عاصفة تلبسها الجنون؟‬             ‫ككاتدرائية تغري المؤمنين‬                          ‫هوليوود‪،‬‬
                                    ‫والمؤمنات بالمكوث تحت ظلالها‪..‬‬     ‫رغم أن هذه المرة تمادى سني في‬
  ‫قدي ًما كان يسمى الطبيب حكي ًما‬
       ‫فالحكمة والطب‪ ،‬صنوان‪،‬‬       ‫عذ ًرا فقد أخطأت في توصيف ذلك‬                          ‫بث أشجانه‬
        ‫كالبرق والرعد‪ ،‬كالشوكة‬                    ‫الذي كان يؤلمني‪،‬‬      ‫وتحامل لتصديرها إلى الأسنا ِن‬
                      ‫والسكين‪،‬‬
        ‫او كمثلي مع حبيبتي التي‬          ‫فالطبيب المختص بالأسنان‬                             ‫المجاور ِة‪،‬‬
                                   ‫والعارف بتاريخها مذ كانت بيضة‬        ‫بعد ان أغراها بقليل من بالوناته‬
 ‫هجرتني لرج ٍل منتفخ بنطاله من‬      ‫قبل أن يفسدها اللعاب أو ُتحرف‬
                    ‫بين فخذيه‪.‬‬                                            ‫الملونة والدم المتراقص بفحيح‬
                                     ‫أخلاقها حلاوة اللسان‪ ،‬استنكر‬                             ‫الألوان‪،‬‬
‫لكن طبيبي هذا وقف خائ ًفا من أن‬                            ‫تغولي‪..‬‬
            ‫يتجرأ في قلع الرحى‬                                        ‫المتمرد على فصيلة كرياته المهادنة‪،‬‬
                                   ‫هذا لا يسمى سنًّا وللسن فضائل‬         ‫معتق ًدا أن بث الأوجاع سيجعل‬
   ‫المتسوسة رغم أنه زرق الجذر‬                   ‫في تجميل الابتسامة‬                       ‫عيني حولاء‪.‬‬
     ‫بمخد ٍر يحتفظ به منذ قرون‬
                                         ‫والحفاظ على رونق الشفاه‪،‬‬        ‫ِسني هذا مثير للشغب يطالبني‬
  ‫وأخافها بقالعة الاستيل الأبيض‬      ‫ما قصدته يسمى رحى‪ ،‬مهمتها‬                  ‫بغطا ٍء ذهبي كما الغجر‬
    ‫البراق وهددها ببحر من الدم‬
                                                             ‫طحن‬          ‫فهو يخجل حين يداعبه لسان‬
  ‫إن لم تستجب لرغباته المجنحة‪..‬‬         ‫كل ما يصادفها بعد أن نبتلع‬                              ‫أنثى‪.‬‬
 ‫أخذتني الريبة من أن القالعة هذه‬
                                                            ‫الطعم‪.‬‬       ‫أو حين يسبح في بخار كلماتي‬
            ‫مصنوعة من الوهم‪،‬‬          ‫يا للمصيبة هذه الرحى يحرس‬                               ‫الحارة‪.‬‬

                                                 ‫مكوثها سن العقل‪،‬‬      ‫الأسنان متراصات كحافلات نقل‬
                                                                                               ‫الموتى‬
   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75