Page 75 - merit 54
P. 75
73 إبداع ومبدعون
قصة
حجاج أ ُّدول
نهيق الحمار
كبيرة .ويعلم ونعلم نحن أن الفضل للحمار الناهق. ظاهرة غريبة دفعت شارعنا الصغير لمتابعتها
واستمر الحال حتى قارب الصيف على الانتهاء، مبتسمين ،ظاهرة تحدث كل نهار حوالي الساعة
وقارب موسم البطيخ على الانصراف. الحادية عشرة صبا ًحا ،حتى يوم الجمعة فالحمار
نهار يوم وفي الساعة الحادية عشرة .أتى الحمار
ليس من حقه الراحة .شارعنا هادئ لكن حين
وكالعادة اتجه بعربته وبالفتى ليستظل بالشجرة، يمر البائعون الجوالون بمكبرات الصوت ،فهم
لكنه لم ينهق! اضطر الفتى أن ينادي بصوته هو. يزعجوننا .الفتى بائع بطيخ لا يستخدم مكبر
خرجت لشرفتي لأنظر ما جرى ،فهذه حادثة تسطر
في تاريخ شارعنا! وجدت أكثر من جار لي ،رجال الصوت ،يأتينا بعربة كاروا محملة بالبطيخ
ونساء وفتية وقد خرجوا قلقين على الحمار .الحمار ويجرها حمار .ومن ناصية الشارع ،يظهر الفتى
يسير بجوار العربة تار ًكا الحمار يتصرف كالمعتاد.
تحت شجرته كالعادة ،لكنه صامت! لا يستخدم مكبر الصوت ،فهو لا يحتاجه .الحمار
من شرفتنا نتحاور ضاحكين سو ًّيا..
وحده يتجه لشجرة ظليلة ويقف تحت ظلها،
-ماذا جرى للحمار؟ وبمجرد وقوفه وبدون أي أمر من فتا ُه ،يبدأ في
-أهو مريض؟ المناداة .ينهق نهي ًقا سري ًعا من دفعتين فقط لا غير.
-ربما في زهق! لم يزد يو ًما عليهما ولم ينتقص! فيعلم كل سكان
-أو يحتاج وليف ًة له. الشارع أن بائع البطيخ وصل.
اليوم التالي أتانا الحمار ،وخيل إلينا أن رأسه كل من يريدون البطيخ في شارعنا ،يشترون من
تدلت وملامحه عابسة .نعم لقد اختل مزاج الحمار
وتوقف صاحبنا عن النهيق .وبسبب انكتام نهيق عربة الحمار .لا يهمهم أن سعر البطيخة ربما
الحمار وبدون أن يشرح سبب عبوسه ،لم نعد تكون أغلى من المعتاد ،فالحمار يبث الابتسام فيهم،
نبتسم ابتسامات الساعة الحادية عشرة من كل
نهار .وبناء عليه قلت مشترياتنا من البطيخ ،والفتى والفتى مسرور بنجاحة ،فالبطيخ الذي يبيعه
في شارعنا أكثر مما يبيعه في شوارع أطول من
البائع انقبض صدره وعبست ملامحه. شارعنا .الفتى البائع نراه منشر ًحا وأحيا ًنا يكاد
يقهقه فر ًحا ،فكمية البطيخ التي يبيعها في شارعها