Page 76 - merit 54
P. 76
العـدد 54 74
يونيو ٢٠٢3
أسامة الحداد
كمباوند*
إلى اعتبارهما شهيدي الغرام ،وصرحت النيابة أضاف الكاتب حادث الشاحنة إلى الوقائع التي
بدفنهما في مقابر الصدقة ،إذ لم يتم التوصل إلى حدثت .كان وحده من أحصى القتلى الذين عثر
هويتهما ،لينضما إلى آخرين لم تعرف شخصياتهم عليهم جانب المجاورة التي تحولت إلى ما يشبه
وكأنهم كائنات فضائية سقطت من كوكب بعيد. المقبرة الجماعية ،وها هي صور القتلى تمر من
واصل الكاتب تدوين ملاحظاته عن سكان المجاورة بين عينيه ،سواء من تمت معرفة شخصياتهم أو
والمتعاملين معهم ،ووضع إحصائياته عن المستوى المجهولون ،وأضاف إليهم رج ًل في حدود الأربعين
الاجتماعي والاقتصادي وأسباب اختيار المنطقة وامرأة في بداية العشرينيات ،سيجدهما عمال
للسكنى ،وكان لشركة النور وأعمالها نصيب في النظافة بعد أسبوع ذبيحين جوار شجرة جازورين،
ملاحظاته ،فالشركة أقامت البنايات وفق كراسة ضمن صفوف أشجار يضمها مشروع الظهير
الشروط بعد إسناد الأعمال إليها في مقابل نسبة الأخضر ،ويستهدف إحاطة المدينة بدائرة خضراء
من البيع تؤول إلى الدولة ،مع حق الشركة في إدارة من أشجار الجازورين والكافور ،وإن اختصت
المجاورة ،ومتابعة أعمال الصيانة والخدمات تما ًما بعض المناطق بالنخيل .وحكاية الذبيحين أثارت
كما هو الحال في مجاورتي اللؤلؤة والواحة ،وكانت المواقع الإلكترونية وبرامج القنوات الفضائية،
هي المنطقة الوحيدة -حتى هذه اللحظة -التي حدث وبالطبع صفحات التواصل الاجتماعي ،وصارت
بها هبوط أرضي وشروخ في حوائط البنايات ،كما لأيام حديث المجتمع ،فالعثور على جثتي عاشقين
شهدت انقلاب شاحنة قرب مدخلها ،وعدة أشجار في الهواء الطلق تطلق العنان لافتراضات عديدة،
تساقطت في أوقات مختلفة ،ولما كان الكاتب قد وتثير الفضول في معرفة قصتهما ومن قتلهما
صار متفر ًغا لكتابة الرواية ،فلديه الوقت لتدوين والأسباب والاحتمالات ،وجميعها تمضي في طريق
الملاحظات والاقتراب من الشخصيات وتوقع ما لا يحمل سوى الفضيحة ،وكان الواضح أنهما نقلا
سيحدث ،مع بحثه عن طبيعة الأرض وتاريخ المكان بعد ذبحهما وألقيا عاريين ،والشاب قطع عضوه
قبل أن تنشأ المدينة ،وماذا كانت قبل مئات السنين؟ وغرس في مؤخرته ،مثبتًا بعصا خشبية .كانت ميتة
بشعة ،خاصة مع الطعنات في موطن عفة المرأة،
ومن كان يمتلك هذه الأرض ،ومن عاشوا بها؟ وبتر ثدييها ،وأظهرت شريحة كبيرة من المتابعين
والقوافل التي مرت فوق رمالها ،وانتهت ملاحظاته -على غير المتوقع -التعاطف معهما ،ووصل الأمر
بالتساؤلات حول اختيار مكان إلقاء القتلى ،وهل