Page 79 - merit 54
P. 79
77 إبداع ومبدعون
قصة
من كشف غموضها ،وهذا يعنى أنه لم يتم الوصول والفتيات لعل بينهم جرائم خالها .أي مرارة تحس
إلى الفاعل ،وإن كان من المستحيل قيام شخص بها ،ونباح الكلاب يتصاعد شعرت معه بقشعريرة
تنتابها ،هناك إذن قتيل ،والأمر لم يكن كذلك ،عثروا
بمفرده بارتكاب الواقعة ،ولم تخرج التوقعات عن
أحد أمرين؛ الانتقام أو صراع رجال الأعمال ،وجال هذه المرة على صغير في سلة ،واستمرت الكلاب
في الصياح إلى أن أتى من أنقذه ،وتمنت لو تبنته
في خاطره سبب آخر قد يكون هو الأرجح ،لماذا لا وعصرت ثدييها في فمه الصغير ،وانتهى في دار
يكون أشقاء القتيل وراء الحادث فهم أكثر الرابحين
من موته ،وقبل أشهر طرد شقيقه الأصغر من فرع رعاية بائسة.
الرسائل تواصلت عبر الماسنجر والواتس آب .مع
لمطاعمه ،كما توقف عن إرسال الإعانة الشهرية
لشقيقته الأرملة وأولادها ،ومنعهم من الاقتراب من الوقت صار ينتظرها ،والحديث عما ينتابه من
قلق حين تتأخر الرسائل سيكون أم ًرا مم ًّل ،إذ إن
بيته ،فعلاقاته بأسرته لم تكن طيبة ،وحين عمل ذلك متوقع ،خاصة مع صحة الأخبار التي تصله،
شقيقه بالمطعم كان التحذير واض ًحا بإخفاء علاقة وغالبًا قبل انتشارها في المواقع الإلكترونية ،فقصة
القرابة تما ًما ،وعمله الأساسي إخباره بأحوال صاحب المطاعم والكومبارس راجت بعد أيام من
العمال وعلاقاتهم ورغبات العملاء ،مع التنبيهات اطلاعه عليها ،وغموض الحادث يزداد مع تناول
الصريحة ألا يصادق عام ًل أو يعرف أحدهم مكان المحللين وبرامج الفضائيات لواقعة لم يتمكن أحد
إقامته .وواقعة طرده لشقيقته وابنتها من مكتبة
احتلت مكا ًنا بار ًزا في الأحاديث الجانبية لعماله ،أما
الفتاة فعلاقاتها معقدة للغاية خاصة مع جارها،
ورفضها الزواج منه بوثيقة رسمية وتمزيقها ورقة
الزواج العرفي التي اكتملت بها علاقة استمرت منذ
بداية مراهقتها ،لقد اتخذت قرارها نحوه بقسوة
لا تناسب ملامحها البادية بريئة ،فإلى أين تذهب
به الحكايات ،والأشباح تسحبه من عنقه دون أن
يفكر في مقاومتها ،وصورة الطفل في السلة تحرسه
الكلاب تصعد مرة للواجهة وتارة تختفي والرسائل
تتتابع فوق شاشة الحاسوب في أكثر من موقع،
والارتباك غدا قرينًا له ،وشروخ البنايات تطل
راسه منها ،ويرى ملامحه متناثرة في بقعة لم يقطن
بها حتى هذه اللحظة على الأقل .طالع الرسائل
الأخيرة إلى أن حفظها تقريبًا ،ومعها صور فروع
المطعم ،كان قد دخل بع ًضا منها ،أما الحافلات فلا
يوجد ممن يرتادون المواصلات العامة من لم يركب
بها ،ولكن ما علاقة تلك الحكايات بسياق روايته
وأبطالها ،هل الحياة دائرة مغلقة؟ وأتته الرسالة
الأخيرة في تلك الليلة« :لن يعثروا على الفاعل .أكمل
ولا تلتفت خلفك» .وبعدها رسالة تقول« :لا تخبر
أح ًدا عما يصل إليك».
-----
* فصل من رواية تحت الطبع بالاسم نفسه.