Page 138 - Nn
P. 138

‫أحداث متعددة ومتشابكة أدت إلى‬                      ‫العـدد ‪35‬‬          ‫‪136‬‬
   ‫تمازج بين الأنواع الأدبية‪ ،‬لكنها‬
    ‫في الأخير خرجت ن ًّصا استطاعت‬                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬         ‫عائشة التيمورية‬

‫الكاتبة أن تطرزه بإتقان‪ ،‬وصلت به‬                         ‫يوسف السباعى‬
‫إلى الهدف من ورائه‪ ،‬ألا وهو تحرير‬
‫الكتابة من سلطة الأجناس الأدبية‬

     ‫من خلال تدميرها‪ ،‬وهذا الفعل‬
   ‫التدميري لم يأت مجا ًنا واعتباط ًّيا‬
   ‫لأنه مقدمة لنوع آخر من تهشيم‬
    ‫الأصنام‪ ،‬بإعادة النظر في التاريخ‬

       ‫الأدبي القريب ورجالاته الذين‬
               ‫تعتبرهم "كهان أدب"‬

     ‫الذي لم تبح به لأحد ولا حتى لنادية لطفي‪،‬‬       ‫محل كتابة إلى درجة تقمصها»‪ ..‬وهذا بالضبط‬
    ‫وبالتالي كانت هناك معطيات مخفية‪ ،‬معطيات‬          ‫ما فعلته إيمان مرسال‪ ،‬إنها تقمصت شخصية‬
   ‫غائبة عن الجميع وحدها إيمان مرسال تمكنت‬         ‫عنايات الزيات وعاشت لحظات تقلباتها النفسية‬
    ‫من معرفتها‪ ،‬وفك شيفرات الشخصية المعقدة‬
 ‫لعنايات الزيات‪ ،‬التي ُولدت غريبة وماتت غريبة‬          ‫لدرجة أنها أصبحت قرينتها‪ ،‬فاستحضرتها‬
 ‫و ُدفنت غريبة‪ ،‬وحتى كتابها عاش غريبًا‪ ،‬فلو لم‬      ‫آتية بها من الزمن الماضي‪ ،‬وتحولت هي نفسها‬
‫تتوقف إيمان مرسال عند بائع كتب قديمة لاقتناء‬        ‫تلك الفتاة الضجرة‪ ،‬القلقة التي تعاني من شدة‬
   ‫نسخة من كرامات الأولياء ما كان لها أن تنتبه‬
‫لهذا العنوان الغريب «الحب والصمت»‪ ،‬ومن هناك‬                      ‫حساسيتها ومن فرط وجدانيتها‪.‬‬
   ‫تبدأ رحلتها الغريبة في البحث عن قبر منسي‪.‬‬        ‫هل كانت عنايات الزيات امرأة متوحدة؟ أو هل‬
                                                      ‫بدت عليها مظاهر التوحد؟ من المعيب التسرع‬
      ‫«في أثر عنايات الزيات» كتاب جريء ج ًّدا‪،‬‬
    ‫مختلف في طريقة تأليفه؛ يفتح أف ًقا جدي ًدا في‬       ‫في الإجابة عن هذا السؤال دون التدقيق في‬
  ‫الكتابة السيرية‪ ،‬ولعله الكتاب السيري الوحيد‬      ‫طريقة إيمان مرسال في التقصي‪ ،‬فلقد كانت مثل‬
    ‫إلى حد الآن الذي تصدى لكتابة سيرة كاتبة‬        ‫مقتفي الأثر في واد غير ذي زرع‪ ،‬وهو ما جعلها‬
‫بهذا الشكل الفني المغاير‪ ،‬ومن المؤكد أن كثيرين‬
   ‫من الدارسين سوف يعيدون مراجعة نظرتهم‬                 ‫تستنجد بحدسها ووحده حدسها الذي هو‬
                                                   ‫حدس الشاعرة‪ ،‬أوصلها إلى نتائج مختلفة تما ًما‬
      ‫للكتابة السيرية‪ ،‬ناهيك عن أنه رد الاعتبار‬    ‫وبعيدة كل البعد عن الأسباب الأولى‪ ،‬فليس عدم‬
 ‫لكاتبة‪ ،‬هي ذلك الطائر الذي مات وهو يحلق في‬
                                                      ‫نشر الكتاب هو سبب انتحارها‪ ،‬خاصة ولقد‬
                                      ‫السماء‬         ‫اتضح أن إعلام عدم النشر لم يكن بخصوص‬
                                                       ‫روايتها هي‪ ،‬بل بخصوص كتاب آخر‪ ،‬ولعل‬
                                                     ‫السبب في انهيارها هو حبها الجديد‪ ،‬هذا الحب‬
   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143