Page 136 - Nn
P. 136
العـدد 35 134
نوفمبر ٢٠٢1
جز ًءا لا يتجزأ منها ،ولم
تتأخر الكاتبة عن هدمها هي
بدورها.
ففي فصل من أجمل
فصول الكتاب جاء مزي ًجا
من السرد التخييلي
والتحقيق والبوليسي
تتخلله ذرى شعرية بنفس
إيروني خصصته الكاتبة
للوقوف على آخر لحظات
حياة عنايات الزيات قبل
انتحارها ،حيث أقامت حفلة
«ج ِّز الشعور» ،وأوردت
أسماء بعض كاتبات ذلك إدوارد سعيد ستيفان زفايغ نادية لطفي
الزمن وطريقة احتجاجهن
على ما عشنه من قهر يتماشى مع النظام ،وفي ذلك تع ٍّد صارخ على
أبسط حقوق الكاتبة ،حتى في نوعية كتابتها،
مجتمعي: ولن تكتفي إيمان مرسال بتوجيه اتهاماتها
للمؤسسة الثقافية بل وحتى لمؤسسة الأرشيف
-عائشة التيمورية بعد موت ابنتها توحيدة. الوطني وأرشيف الإعلام الذي أهمل وغيب
-وردة اليازجي بعدما سمعت شائعة إن والدها ذكر عنايات الزيات ،ولذلك عملت بمعولها
جاهدة ،مهدمة مكانة وقدسية هذه المؤسسات
وأخويها يكتبون لها قصائدها.
التي هي بدورها كانت سببًا في كتم واغتيال
-ملك حفني ناصف عندما دهس زوجها أصوات أدبية حرة كان بإمكانها أن تغير شيئًا
ما في المشهد الثقافي ،هذا المشهد الذي لا يمكن
كبرياءها. أن يكون مبد ًعا ومتجد ًدا إذا لم يكن خارج كل
وصاية ومندف ًعا؛ فمشكلة عنايات الزيات لم تكن
-جليلة رضا عندما فضحها الشاعر السوداني كما تروج لها أختها أو بعض أقاربها من أنها
كانت فتاة حساسة ج ًّدا منعزلة عن الناس ،أو
القومي العربي حين رفضت الزواج منه. أنها تعاني من اضطرابات نفسية ،بل إنها كانت
ضحية منظومة تعمل بشكل منهجي على اغتيال
-درية شفيق حين وصفها طه حسين مع كل نفس حر ،ولذلك جاء هذا الكتاب معو ًل لهدم
زميلاتها بأنهن عابثات طالبات للشهرة. هذه المنظومة ،والتي كانت الحركة النسوية
-أليفة رفعت يوم سمعت همسهم بإنها تروج
للسحاق.
-لطيفة الزيات حين أدركت فشل حياتها مع
الرجل الذي أيقظ الأنثى فيها.
وعنايات الزيات جزت شعرها حين يئست من
حياتها تما ًما ،وكل أولئك الكاتبات لسن فقط
ضحايا المجتمع وأعرافه وتقاليده وعاداته،
ولسن فقط ضحايا الرجل ونظرته الذكورية