Page 137 - Nn
P. 137

‫نون النسوة ‪1 3 5‬‬

                                                                    ‫للمرأة‪ ،‬بل هن ضحايا المرأة‬

                                                                    ‫نفسها التي انبرت للدفاع‬

                                                                    ‫عن وجودها من خلال‬

                                                                    ‫نظريات هي بالأساس‬

                                                                    ‫ذكورية رأسمالية عنصرية‪،‬‬

                                                                    ‫من قبيل الأدب النسوي‬

                                                                    ‫والجنس الأنثوي والحركات‬

                                                                    ‫النسوية‪ ،‬فلا يكفي أن‬

                                                                    ‫هذه النظريات قائمة على‬

                                                                    ‫النظرة البخسة للمرأة‪،‬‬

                                                                    ‫ليس بوصفها إنسا ًنا بل‬

                                                                    ‫باعتبارها مجرد أنثى‬

                                                                    ‫تابعة‪ ،‬كما سبق وعبرت‬

‫إدوارد جاليانو‬  ‫جورج باتاي‬                            ‫ريجيس دوبريه‬  ‫عن ذلك جوليا كرييستيفيا‬
                                                                    ‫حين قالت‪« :‬ويتركز كفاح‬

   ‫غير أن كل هذا لا يمنع من إن كتاب (في أثر‬            ‫أنصار النظرية النسوية في إن إطلاق (الجنس‬
   ‫عنايات الزيات) هو كتاب سيرة؛ لكنه كتابة‬
 ‫مختلفة لسيرة هي بدورها مختلفة‪ ،‬أكاد أجزم‬                  ‫الأنثوي) على الموضوع السياسي للنظرية‬
  ‫أنه الكتابة السيرية المغايرة والتي اتخذت لها‬
 ‫بع ًدا أنثروبولوجيًّا حضار ًّيا‪ ،‬فهي تختلف عن‬             ‫النسائية يفرز النزعة البيولوجية والمنطق‬
 ‫كتابات غرترود شتاين وكتاباتها السيرية عن‬
 ‫أصدقائها الفنانين‪ ،‬لعلها قد تشبهها فقط فيما‬           ‫الازدواجي‪ ،‬الذي يهبط بالمرأة إلى دور أدنى»‪..‬‬
 ‫كتبته عن سيرة رفيقة دربها أليس طوكلاس‪،‬‬
‫كما تختلف عن لوران سكسيك في كتابه «الأيام‬              ‫بل لقد تحولت هذه الحركات جها ًزا من أجهزة‬
  ‫الأخيرة لستيفان زفايغ»‪ ،‬ذلك أنها لم تتوقف‬              ‫الدولة‪ ،‬الذي يضاعف من سيطرة الذكر على‬

‫عند مجرد استعادة مراحل حياة عنايات الزيات‬             ‫الأنثى‪ ،‬وهو ما أدركته عنايات الزيات جي ًدا بما‬
                                                       ‫جعلها تيأس من حياتها نهائيًّا‪ ،‬وما استوعبته‬
                                                       ‫إيمان مرسال في رحلة إعادة صياغتها لسيرة‬

                                                      ‫هذه الكاتبة البائسة‪ ،‬فحتى النسوة الكاتبات من‬

                                                        ‫حولها واللاتي كن يمارسن أنشطة مجتمعية‬
                                                      ‫مثل لطيفة الزيات وحسن شاه لم َت ِعين جوهر‬
‫مشكلة عنايات الزيات التي كانت تعيش غربتها أو نادية لطفي صديقتها‪ ،‬بل توغلت في البحث‬

‫الأنثروبولوجي لقاهرة الستينيات وما لحقها من‬           ‫كشخص «لا منتم» وسط عائلتها‪ ،‬باستثناء‬

‫وقوف الممثلة نادية لطفي إلى جانبها‪ ،‬والتي هي تطور ومن تغيير في البنية التحتية‪ ،‬بل وحتى في‬

‫بدورها اضطرت إلى أن تغير شيئًا منها لتقاوم العقلية الجغرافية للمدينة‪ ،‬وهي في هذا تلتقي مع‬

‫هذا القهر‪ ،‬فتخلت عن اسمها الأول‪ ،‬وهو ما دفع فيليب لوجون المهتم بأدب السيرة‪ ،‬والذي طور‬

                ‫المقتفية أثر عنايات الزيات أن تعبر عن قرفها من نظرته لهذا الأدب في كتابه «مسودات الذات»‬

                ‫حين قال‪« :‬يجب الغوص في الذات التي هي‬                ‫هذه الحركات النسوية وتهدمها‪.‬‬
   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142