Page 196 - Nn
P. 196

‫العـدد ‪35‬‬                              ‫‪194‬‬

                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬                         ‫لكن تلك الآلات لم تعطهم‬
                                                                    ‫ما يردونه‪ ،‬ويكون مواف ًقا‬
    ‫إدارة الموهبة بشكل جيد‬            ‫وتنزل لدور الكف بعد‬            ‫لمجال الكف وطرق أدائه‪،‬‬
   ‫وفعال‪ ،‬وهو ما فشل فيه‬        ‫المشالة وابتداء الخانات‪ ،‬عند‬       ‫وكان أي ًضا أن التقوا بفنان‬
    ‫كثير ممن احترف أي ًضا‪،‬‬       ‫خروجها‪ ،‬وتسمى الراقص‪،‬‬           ‫العود الموهوب‪ :‬عبود‪ .‬والذي‬
   ‫وشيئًا فشيئًا خبا الضوء‬                                        ‫يمتلك نفس الحس والرغبة‪،‬‬
   ‫والاهتمام من حوله‪ ،‬رغم‬          ‫من دور الكف‪ ،‬هذا معناه‬        ‫وكان أن تم إدخال العود إلى‬
                                     ‫نهاية الدور والاستعداد‬       ‫سوامر الكف‪ ،‬لتتكون فرقة‬
     ‫موهبته التي لا تنكر في‬      ‫لدور آخر بكفافة جدد‪ ،‬لكن‬
                     ‫الغناء‪.‬‬      ‫مع ظهور الاحتراف وبات‬               ‫الكف من‪ :‬دفاف وطبال‬
                                      ‫الكفافة ليس من البلدة‬       ‫وعواد‪ .‬ليتفرغ الفنان للغناء‬
    ‫شكل المسرح والانفصال‬            ‫وحدها‪ ،‬أي ًضا من القرى‬        ‫فقط‪ ،‬وهو ما استتبع ترتيب‬
    ‫التام الحادث بين الفنان‬     ‫المجاورة أو من يتم دعوتهم‪،‬‬       ‫السامر على نحو آخر‪ ،‬ليأخذ‬
   ‫والجمهور أدى إلى تراجع‬         ‫تراجع وجودها داخل بيت‬           ‫شكل المسرح تقريبًا‪ ،‬دكتان‬
 ‫دور الانتقاد والمراجعة التي‬       ‫الفرح‪ ،‬وبات تحديد طول‬
‫كانت تحدث لما يقوله الفنان‪،‬‬      ‫الدور بالوقت‪ ،‬ما بين الربع‬            ‫بالطول فوقهما دكتان‬
  ‫ومن ثم بات الفنان (يملي)‬                                             ‫بالعرض ترص عليهما‬
‫الليلة بكل ما يعن له‪ ،‬فدخول‬                 ‫أو ثلث الساعة‪.‬‬            ‫كراسي للفنان وفرقته‪،‬‬
  ‫الآلة الموسيقية أي ًضا جعل‬    ‫المهم هنا‪ ،‬وهو بداية تحسس‬          ‫خالقة بهذا الشكل قد ًرا من‬
 ‫بعض الفنانين يغنون بعض‬                                          ‫التعالي والانفصال بين الفنان‬
 ‫الأغاني الرائجة عبر وسائل‬       ‫السؤال المطروح في البداية‪،‬‬        ‫والكفافة وجمهور السامر‪،‬‬
 ‫الإعلام‪ ،‬دون سياق يربطها‬       ‫أين ذهب الذين كانوا يغنون‬           ‫فالآخرون على الأرض أو‬
    ‫بواقعهم وواقع الجماعة‬                                         ‫في دكك متباعدة عن السامر‬
   ‫الشعبية‪ ،‬لكن في قلب ذلك‬          ‫في ليالي بلادهم‪ ،‬عددهم‬        ‫وليس مندمجة فيه كما كان‬
  ‫علينا أن ندرك أي ًضا تحول‬       ‫ليس بالقليل‪ ،‬والكثير منهم‬         ‫في السابق‪ ،‬أي ًضا هذا أدى‬
  ‫وتبدل منظومة القيم داخل‬                                           ‫لتراجع دور النساء داخل‬
     ‫الجماعة نفسها‪ ،‬خاصة‬            ‫موهوب وفنان بالفطرة‪،‬‬              ‫السامر‪ ،‬دورهن ومكان‬
    ‫من الثمانينيات وصاع ًدا‪،‬‬        ‫نفر قليل ج ًّدا منهم غامر‬     ‫تواجدهن‪ ،‬خاصة مع قدوم‬
‫وعودة الكثير من أبناء القري‬        ‫بالاحتراف‪ ،‬والقليل منهم‬          ‫أغراب من البلاد المجاورة‬
     ‫من الخليج وتغير النمط‬           ‫اكتفى بأن يكون ك َّفا ًفا‪،‬‬      ‫والبعيدة من أجل الفنان‬
‫الاقتصادي‪ ،‬والتحول الهائل‬            ‫ينشئ خانات الكف‪ ،‬أي‬
  ‫عن المجتمع الزراعي بقيمه‬          ‫اللازمة التي يغني عليها‬                    ‫المشهور هذا‪.‬‬
‫المتوارثة‪ ،‬أي ًضا ازدياد الحس‬      ‫الفنان المحترف‪ ،‬والبعض‬             ‫كان للنساء دور حاسم‬
   ‫السلفي وتسارع وتيرته‪،‬‬                                            ‫في سامر الكف قبل بداية‬
 ‫والتبشير القادم من الخليج‬             ‫الآخر فضل أن يكون‬              ‫الاحتراف‪ ،‬فحضورهن‬
 ‫على أيدي العائدين ووسائل‬          ‫مستم ًعا فقط‪ ،‬وجزء كبير‬        ‫يمثل ثلث السامر‪ ،‬في الجزء‬
  ‫الإعلام‪ ،‬خاصة مع انتشار‬       ‫منهم نفض يده من الموضوع‬           ‫القريب من باب بيت الفرح‪،‬‬
  ‫الأطباق اللاقطة بعد موجة‬      ‫تما ًما؛ هنا عليَّ أن أوضح أنه‬      ‫ويشاركن بالزغاريد حين‬
  ‫الكاست‪ ،‬ربما سيكون هذا‬           ‫ليس كل من احترف الفن‬          ‫الاستحسان‪ ،‬بالرقص وسط‬
   ‫ملحو ًظا بشكل أكبر داخل‬        ‫كان مجي ًدا‪ ،‬أو كان أفضل‬         ‫السامر أمام صف الكفافة‪،‬‬
‫سوامر الإنشاد الديني وليالي‬                                            ‫تضع السيدة أو البنت‬
  ‫الموالد والمناسابات الدينية‪.‬‬        ‫من غيره الذين فضلوا‬            ‫شا ًل أسود فوق رأسها‪،‬‬
 ‫ظل الانشاد الديني هو سيد‬        ‫الانزواء‪ ،‬فالاحتراف يتطلب‬
                                 ‫مواهب أخرى بجوار القدرة‬

                                    ‫على الغناء‪ ،‬منها المحافظة‬
                                   ‫على العلاقات الاجتماعية‪،‬‬
                                  ‫والمهارة في تكوين شبكات‬
                                  ‫واسعة‪ ،‬وأي ًضا القدرة على‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201