Page 198 - Nn
P. 198

‫العـدد ‪35‬‬                                                                           ‫‪196‬‬

                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬                                                                  ‫د‪.‬عبد الكريم‬
                                                                                                                ‫وزيزة‬
  ‫«الأغنية الشعبية»‬                 ‫لكل مجتمع وسائل تعبيرية‬             ‫الأغنية الشعبية‪ ..‬الموروث الثقافي الأصيل‬
‫كيف ظهر هذا المصطلح‬
                                    ‫متعددة يعبر بها عن طموحاته‬
  ‫في لغتنا العربية؟‬                   ‫وأحلامه وتطلعاته وتمنياته‬
                                          ‫ومعتقداته‪ ،‬وتتعدد تلك‬
 ‫يذكر الدكتور أحمد مرسي في‬           ‫الوسائل وتختلف من مجتمع‬
  ‫كتابه الممتع (الأغنية الشعبية‬       ‫إلى آخر ومن فئة إلى أخرى‬
   ‫الذي تم نشره عام ‪:)1970‬‬            ‫داخل نفس المجتمع الواحد‪،‬‬
 ‫«يعد مصطلح الأغنية الشعبية‬          ‫بحيث تؤدي إلى الهدف الذي‬
 ‫أحد المصطلحات الحديثة التي‬             ‫يجب الوصول إليه بشكل‬
‫دخلت إلى لغتنا العربية مترجمة‬         ‫بسيط وعفوي‪ ،‬قد يجنح إلى‬
   ‫للمصطلحين الألمان ي �‪volk‬‬           ‫التقليدية في بعض الأحيان‪،‬‬
 ‫‪ ،lied‬والإنجليزي ‪Folksong‬‬           ‫وفي الغالب يسوده أجواء من‬
  ‫بعد أن استقر مفهومهما لدى‬           ‫الابتكار الناشئ من المواهب‬
                                         ‫الفطرية لبسطاء الشعب‪.‬‬
     ‫الدارسين الأوروبيين منذ‬
‫وضعه «هردر» کتابه المشهور‬          ‫فالقصص والحكايات الشعبية‪،‬‬
                                     ‫والأمثلة الشعبية‪ ،‬والأساطير‬
   ‫المكون من جزئين (أصوات‬             ‫الشعبية‪ ،‬والأغاني الشعبية‪،‬‬
  ‫الشعوب من أغانيها ) �‪stim‬‬
                                        ‫والرقصات الشعبية‪ ،‬كلها‬
    ‫�‪men der Volker in lie‬‬              ‫موروثات ثقافية توارثتها‬
‫‪ ،)1779 -1778( dern‬والذي‬           ‫الأجيال المتعاقبة‪ ،‬غالبًا بالحكي‬
 ‫جمع فيه أغاني شعبية ألمانية‪،‬‬       ‫والقص والحركة‪ ،‬من فرد إلى‬
‫حرص على أن تكون مما يعكس‬               ‫آخر ومن عائلة إلى أخرى‪،‬‬
 ‫صورة الشعب الألماني في ذلك‬         ‫حتى باتت تنسج نسي ًجا قو ًّيا‬
 ‫الوقت‪ ،‬وقد وضع «هردر» في‬            ‫متماس ًكا من الموروث الثقافي‬
‫كتابه هذا المعالم الأولى للأغنية‬      ‫الأصيل‪ ،‬مما ساهم في عدم‬
 ‫الشعبية‪ ،‬خاصة عند الشعوب‬          ‫اندثار العديد من تلك الموروثات‬
                                   ‫والمحافظة عليها لتبقى مخزو ًنا‬
     ‫البدائية‪ ،‬ونادي في الجزء‬          ‫راس ًخا في وجدان الشعوب‬
‫الثاني من الكتاب «بالحياة لتلك‬     ‫المختلفة‪ ،‬على اختلاف حضارتها‬
 ‫الأغاني التي يرى البعض أنها‬        ‫وثقافتها‪ ،‬ومما ساهم بلا شك‬
                                        ‫في تطور العديد من الأمم‪.‬‬
 ‫تافهة‪ ،‬والتي تع ُّد عنده أفضل‬          ‫والأغنية الشعبية هي تلك‬
 ‫من أغاني أخرى كثيرة»‪ .‬ومنذ‬          ‫الأغنية التي توارثتها الأجيال‬
                                      ‫عبر العصور المختلفة والتي‬
    ‫ذلك الحين انتشر مصطلح‬            ‫نبعت في الغالب واب ُت ِك َر ْت من‬
‫«الأغنية الشعبية»‪ ،‬بعد أن كان‬          ‫الطبقات البسيطة من فئات‬
‫الباحثون ‪-‬قبل هردر‪ -‬يطلقون‬              ‫الشعب مثل (الصيادين‪-‬‬
‫على هذه الأغاني الاسم العادي‬        ‫الفلاحين‪ -‬العمال‪ -‬الصنايعية‬

     ‫المستعمل الذي يشمل كل‬                         ‫والحرفيين)‪.‬‬
 ‫الأغاني وهو «أغنية» فحسب‪،‬‬
 ‫وإن كانوا يضيفون إليه أحيا ًنا‬

      ‫كلمة أخرى ليميزوا بين‬
 ‫الأغاني المختلفة تب ًعا للمغنين‪،‬‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203