Page 247 - m
P. 247

‫‪245‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

‫ترددات مفقودة‪..‬‬

‫تواصل ينبعث من‬
                                                        ‫قادري عبد الحفيظ‬
  ‫(الجزائر) هياكل معدنية‬

     ‫محالة للعدم!‬

      ‫متمرد يمارس حريته بقوة‬           ‫والواردة‪ ،‬ومشرعة كالأفواه‬         ‫لعلها كانت تطل من نوافذ‬
  ‫الموقف وأصالته‪ ،‬غير مستعجل‬           ‫الجائعة وفي استدارتها تبدو‬
 ‫ألوانه وأشكاله أن ترسم مشه ًدا‬      ‫كالقباب‪ ،‬تزاحمها في جمالياتها‬     ‫السؤال عن مشهد اليأس المتفحم‬
‫ضبابيًّا لم تتضح معالمه بعد‪ ،‬مثل‬     ‫المعمارية‪ ،‬المعيارية في تصنيف‬     ‫في أزقة وساحات سيدي بوزيد‪.‬‬
                                     ‫الطراز البنائي للمدن التونسية‬     ‫كان العالم المزاحم يرصد اللحظة‬
    ‫هذه الأوقات المربكة مسكونة‬    ‫والمغاربية عمو ًما‪ ،‬وتبدو من نظرة‬     ‫الفارقة ليتسرب عبر مساماتها‬
‫بالترقب الحذر والخوف والنفور‬      ‫علوية أشبه بكوم الفطر في حقول‬
‫وبالهواجس العميقة المتداخلة بين‬                                             ‫المرئية والمسموعة وينفذ في‬
‫السؤال واحتمالية المسايرة برسم‬                         ‫الياسمين‪.‬‬            ‫الفضاء المؤجج من سقوف‬
 ‫موقف غير محسوب ومحسوم‪.‬‬               ‫أحيانا لا نلتفت للقبح المستتر‬       ‫مثقوبة في المدينة‪ .‬هذه المدينة‬
                                       ‫خلف الضرورات والحاجات‬           ‫تقاسم المارين ملحها ومباهجها‪.‬‬
       ‫الفنانة دلال صماري التي‬      ‫ونتعايش معه في تقبل مفروض‬         ‫وتتطلع للغيب الذي ترجوه مثخنًا‬
     ‫بلغت من حكمة الفن وعمره‬       ‫لتأثيراته السالبة لجماليات مدننا‬         ‫بالأمنيات المحققة‪ ،‬وتصغي‬
  ‫عتيًّا في نظارة عمرها وذاكرتها‬      ‫وأصالتها وعمقها الحضاري‪،‬‬           ‫لتقلبات الأحداث بآذان معدنية‬
                                     ‫وتتشكل معه ألفة غير منطقية‬       ‫مثبتة على الأسقف وعلى الجدران‪،‬‬
          ‫المكتنزة على الكثير من‬                                         ‫منتشرة بعشوائية منفرة‪ .‬إنها‬
   ‫القراءات والتأويلات والأفكار‬           ‫تفرضها سياقات الحداثة‬       ‫الحداثة وما تمليه علينا من بدائل‪،‬‬
  ‫الاستشرافية‪ ،‬تلزمها بالوقوف‬          ‫والمواكبة والانفتاح والتقبل‪..‬‬      ‫قد لا تحترم الخصوصية ولا‬
                                    ‫الفنان استثنائي في تنبؤاته وفي‬     ‫تساير النمط الحياتي والعمراني‬
       ‫الحذر كي تتوضح الرؤى‬         ‫قراءته للأحداث وللمواقف وفي‬
      ‫والمسارات‪ ،‬وفي مشروعها‬           ‫قراراته أي ًضا‪ ،‬غير عابئ بما‬                           ‫للمدن‪.‬‬
   ‫الجمالي ترددات مفقودة تتفرد‬       ‫يقوم به الآخرون لأنه استثناء‬         ‫إنها اللاقطات الهوائية المثبتة‬
      ‫بالمسالك البديلة في معالجة‬
‫الموقف بالتوظيف المتميز للأفكار‬                                               ‫بإحكام تترصد الشاردة‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252