Page 242 - m
P. 242

‫العـدد ‪56‬‬                       ‫‪240‬‬

                                   ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

‫وبذلك تفتح بلغيث طرائق معالجة‬        ‫وظفت عديد التجارب الفنية فن‬     ‫متقدمة أخرجته من دائرة الحياتي‬
 ‫فنية تعيد خلالها تنزيله وتطويعه‬    ‫الباتشورك لتعيد الحياة للمتآكل‬       ‫والوظيفي لتنقله إلى التعبيري‬

   ‫وضبط إيقاع له ينسف الجانب‬          ‫من الملابس وبعث الحياة فيها‬     ‫التشكيلي‪ ،‬ومن التشكيلي الواقعي‬
‫الوظيفي ليعوضه ببعد فني يبعث‬        ‫مجد ًدا بأسلوب فني إبداعي بدل‬     ‫ومعادلاته إلى المعالجة التجريدية‬
                                   ‫الوظيفي الاستهلاكي‪ ،‬كذلك يمكن‬
            ‫فيه الروح من جديد‪.‬‬                                            ‫الصرفة فأنشأت المرحلية في‬
   ‫فكيف تمكنت الفنانة من تغيير‬          ‫أن ننزل الفكرة ضمن سياق‬             ‫بعدها التطوري بدائل فنية‬
                                     ‫شبيه‪ ،‬فاستعارت الفنانة الغطاء‬        ‫تنحو ذات المنحى التجريدي‬
       ‫وجهة المنطلق‪ ،‬ونزع بعده‬                                             ‫كما هو الشأن في التصوير‬
 ‫الوظيفي‪ ،‬لتحيله إلى مساحة فعل‬           ‫الصوفي لتجعل منه مساحة‬
                                   ‫للفعل‪ ،‬والذي لا تنحصر في هويته‬        ‫الزيتي والرسم والحفر‪ ،‬وهي‬
                ‫إنشائي تشكيلي؟‬                                           ‫أفكار خلقت جي ًل مبد ًعا ينظر‬
  ‫وأي الدلالات والمعاني التعبيرية‬    ‫وتعريفه التقليدي على أنه قطعة‬      ‫إلى النسيج الفني بعين مختلفة‬
                                    ‫من حياكة صوفية ُتضبط لغايات‬       ‫ومن زاوية نظر مشبعة برسائل‬
      ‫تتخفى في التوظيف التقني؟‬      ‫وظيفية مخصوصة لا تخرج من‬
  ‫إن التمعن في هذه التجربة الفنية‬                                          ‫بصرية ذات معنى وفي هذا‬
‫سيقود القارئ حت ًما إلى البحث عن‬      ‫أطر الحاجة الحياتية المباشرة‪،‬‬     ‫السياق تتنزل تجربة التونسية‬
                                                                        ‫الدكتورة الفنانة فاطمة بلغيث‪.‬‬
                                                                      ‫نشيج‪ ،‬عنوان المعرض الشخصي‬
                                                                        ‫للفنانة التشكيلية فاطمة بلغيث‬

                                                                           ‫الباحثة في نظريات الفنون‪.‬‬
                                                                          ‫مجموعة منسوجات اخترقت‬
                                                                     ‫الرؤى التقليدية‪ ،‬لتعانق طروحات‬
                                                                           ‫أسلوبية تتماهى وتوظيفات‬
                                                                     ‫المعاصرة‪ ،‬وتنهل من نظم تركيبية‬
                                                                          ‫تسعى من خلالها الفنانة إلى‬
                                                                           ‫إنشاء منهج مخالف للطابع‬

                                                                           ‫التقليدي للمنسوجة الفنية‪.‬‬
                                                                            ‫بدت تعلة التجربة طريفة‪،‬‬
                                                                            ‫وتجليات طرافتها تكمن في‬
                                                                          ‫طابع المنطلق والذي يعد من‬
                                                                      ‫جنس الميدان الفني الذي تختزله‬
                                                                            ‫المنسوجة في أبعاده التقنية‬
                                                                        ‫والهيكلية‪ ،‬إذ جعلت الفنانة من‬
                                                                     ‫الغطاء الصوفي مبحثًا منه تستنبط‬
                                                                      ‫الفكرة‪ ،‬وتستلهم طرائق المعالجة‬
                                                                         ‫التقنية‪ ،‬فقد تجعل منه محم ًل‬
                                                                      ‫ومساحة للفعل التشكيلي‪ ،‬وخامة‬
                                                                         ‫تستغل خلالها سخاء الفضاء‬
                                                                     ‫الصوفي وماهيته‪ ،‬ومساحة تكوين‬
                                                                         ‫ترتب على إثرها بنائية مخالفة‬
                                                                       ‫لهيكلة متوارثة عبر أجيال‪ ،‬فكما‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247