Page 239 - m
P. 239

‫‪237‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

    ‫أكثر تشد ًدا في ممارسة‬                       ‫وتياراته السياسية‪.‬‬     ‫وجود الأطفال يصبح الخوف من‬
  ‫الطقوس الدينية وفرضها‬                 ‫الإنسان ‪-‬في النهاية‪ -‬يحاول‬       ‫فقدانهم وضياعهم داخل الثقافة‬
  ‫على أطفالهم‪ ،‬وأكثر حديثًا‬
‫عن (العودة) حين لا يضيِّع‬                 ‫المحافظة على هويته المهددة‬       ‫الجديدة هاج ًسا كبي ًرا في حياة‬
   ‫الأبناء دينهم وينجرفون‬                ‫بالضياع بمزيد من الطقوس‬          ‫تلك الأسر‪ ،‬ومن ثم يحاول دفع‬
‫وراء المغريات الغربية‪ ،‬بينما‬            ‫والممارسات المحافظة‪ ،‬التي لم‬      ‫هذا التهديد بالبحث عن حاضنة‬
 ‫الجيل الثاني أكثر تآل ًفا مع‬            ‫يفكر فيها قبل ذلك‪ ،‬ويتحول‬       ‫ثقافية تحمية‪ ،‬البحث عن جماعة‬
 ‫نمط الحياة الأمريكية‪ ..‬هل‬               ‫هاجس الضياع والذوبان في‬           ‫أو مجتمع صغير “كموينتي”‪،‬‬
 ‫يتغير هذا الاستنتاج بتغير‬             ‫الثقافة المضيفة إلى خوف يدفع‬        ‫ولن يجد تلك الجماعة إلا حول‬

     ‫المكان في شرق أمريكا‬                  ‫إلى سلسلة من الممارسات‬           ‫أماكن العبادة مث ًل‪ ،‬الجوامع‪،‬‬
‫وغربها وشمالها وجنوبها؟‬                    ‫الردكالية التي تحول حتى‬             ‫الجاليات الدينية‪ ،‬الكنائس‬
                                    ‫المثقفين والمعتدلين للتشدد الديني‪،‬‬
   ‫هذه ملاحظة دقيقة‪ ،‬الكثير من‬          ‫وبد ًل من الذوبان والتأقلم في‬   ‫الصغيرة التي توفر حماية نفسية‬
    ‫الأسر العربية تعيش تناق ًضا‬       ‫الوطن المضيف؛ يتحول المهاجر‬       ‫بشكل ما‪ ،‬ودع ًما لوجستيًّا أي ًضا‪،‬‬
     ‫حا ًّدا بين القيم التي جلبوها‬     ‫إلى ناقم وناقد‪ ،‬وربما في حالة‬     ‫في النهاية يتحول المهاجر ‪-‬الذي‬
                                       ‫عداء حادة مع قيم هذا المجمتع‬
      ‫معهم والقيم التي يفرضها‬        ‫التي كان يتوق إليها‪ ،‬فالتحرر ما‬        ‫جاء باحثًا عن القيم الليبرالية‬
  ‫المجتمع الغربي‪ ،‬خاصة المتعلقة‬       ‫هو إلا انحلال‪ ،‬والمساواة مجرد‬     ‫الغربية‪ -‬إلى ذروة التشدد الديني‪،‬‬
 ‫بحقوق المرأة والحرية الجنسية‪،‬‬
                                                  ‫بروبجندا إعلامية!‬           ‫وتظهر الجيتوهات العرقية‬
         ‫والانفصال عن الأسرة‪،‬‬                                           ‫والدينية في أشرس صورها‪ ،‬وهذا‬
       ‫والعلاقات الجنسية الحرة‬      ‫من خلال تجربتي في الحياة‬            ‫مفهوم بطبيعة الحال‪ ،‬والكثير من‬
                                      ‫بنيويورك لعشر سنوات‪،‬‬
                       ‫وغيرها‪.‬‬        ‫وجدت أن الآباء والأمهات‬              ‫الدراسات الاجتماعية ‪-‬خاصة‬
     ‫لا أعتقد أن هناك تغيي ًرا في‬                                           ‫التي درست أوضاع الجاليات‬
   ‫نشأة وتطور عوالم المهاجرين‬       ‫الذين جاءوا في سن متقدمة‬               ‫العربية والإسلامية في أوروبا‬
     ‫وصراعتها القيمية سواء في‬                                           ‫مث ًل‪ -‬تشير بوضوح لتلك العلاقة‬
      ‫ضواحي‬                                                                ‫بين الدفاع عن الهوية الثقافية‬
   ‫نيويورك أو‬
      ‫في الغرب‬                                                                ‫والوقوع في التشدد الديني‬
     ‫الأمريكي‪،‬‬
    ‫تتكون تلك‬
‫الجيوب العرقية‬
     ‫في أوروبا‬
   ‫وأمريكا من‬
    ‫شمالها إلى‬
 ‫جنوبها‪ ،‬تراها‬
 ‫تتمدد كهامش‬
   ‫في ضواحي‬
      ‫نيويورك‬
   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244