Page 72 - m
P. 72

‫العـدد ‪56‬‬                               ‫‪70‬‬

                                                                             ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

‫أسماء جمال عبد الناصر‬

‫بداية ونهاية وليلة الاكتمال‬

             ‫ليلة الاكتمال‬                                         ‫بداية ونهاية‬

   ‫في ليلتي هذه وبمدينة جديدة سار اليوم على غير‬            ‫يسألني سائق السيارة عن رحلتي‪ ،‬وعن سبب‬
       ‫ترتيب‪ ،‬صاحبتني روح خاوية طالب ًة وص ًل‬                           ‫وجودي ها هنا‪ ،‬ثم ينكأ الجرح‪:‬‬

     ‫و ُصحب ًة تس ُّد فراغات نفس وتهدهد أ َّنات طفل‬              ‫‪ -‬ألم تكسري قلب أحدهم بسفرك هذا؟‬
  ‫شب على حب الرضاع‪ .‬أطوف بها سعيًا بمحاريب‬                ‫تهزمني اللغة المنطوقة‪ ،‬ويسعفني سينيكا بعدها‬
‫ودهاليز ذاتية انتظا ًرا لوجبة شافية بعد صوم كبير‪.‬‬
                                                                                                ‫بأيام‪:‬‬
 ‫في الجوار حلقة تتخللها تلاوة بصوت رخيم يليق‬              ‫“الأحزان الصغيرة ثرثارة‪ ،‬أ َّما عظيمها فأبكم»‪.‬‬
‫بوقت الأصيل‪ ،‬أتأمل حث الندماء للقارئ كي ُيذ ِّكرنا‬
 ‫بأصوات بعينها حنينًا لأزمنة َولَّت‪ :‬هل لنا بالشيخ‬                    ‫ربما لطمأنينة كهذه خلقت الكتابة‪،‬‬
                                                        ‫ربما لذلك في بيتنا ثلاث يرقات في أطوار مختلفة‪،‬‬
  ‫محمد رفعت؟ ماذا عن مولانا مصطفى إسماعيل؟‬              ‫تصف لي باولا كيف طافت فراشة بالبيت في أحد‬
‫وغيرهما‪ .‬أتساءل عن مدى سعادة ال َمرء حينما ُيطلب‬
‫منه أن يؤدي صو ًتا ليس له‪ .‬ثم يغيب السؤال وسط‬                                      ‫الصباحات ثم ولَّت‪،‬‬
                                                                  ‫يخبرها الطالع أن حياة قديمة تحتضر‪،‬‬
            ‫استحسان المستمعين‪ .‬وينساب الزمن‪.‬‬                      ‫و ُترينا اليرقات أن أخرى بصدد البدء‪.‬‬

                ‫أُحب الحلوى التي تأتي في الختام‪،‬‬                        ‫بالأمس أقبل عليَّ ُم َد ِّرس ال ِشعر‪،‬‬
           ‫مذاقاتها التي تبقى بجوفك لوقت أطول‪،‬‬               ‫دنا مني‪ ،‬ونظر في عيني‪ ،‬وسألني أن أحضر‬
      ‫تدنو ِمنَّا في الحلقة ال ُكبرى التي استدعت مدح‬  ‫قصيدة لي في الأسبوع القادم‪ ،‬أن أقرأها بالعربية ثم‬

                                     ‫البوصيري‪،‬‬                                             ‫بالإسبانية‪،‬‬
                  ‫فبات بين يدي ال َجمع ما خصه‪،‬‬           ‫ُتري أي نص أود مشاركته؟ أأجتر ن ًّصا ُمعتَّ ًقا أم‬
                ‫ينهل منها أفراده ك ٌّل قدر حاجته‪.‬‬
                                                                    ‫أقص عليهم حكاية اليرقات الوليدة؟‬
   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77