Page 67 - m
P. 67
65 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
نتعامل مع الكائنات الأكثر عفوية ،الحيوانات مث ًل، يفككها لأصولها الأولى ثم يعيد تركيبها لتكشف
ونفترض أنها هي التي انتصرت على الفناء وعلى عن وجه آخر ربما كان هو الحقيقة -لأن الحقيقة
الإنسان وأعادت كتابة الحكاية« :كان الديناصور لها من الزوايا والوجوه ما يند عن الحصر -والمجد
الكبير يتميز بالخبث والطمع والأنانية فبعد فقط لا يكون إلا للخيال الذي يتكفل بفتح النوافذ
أن قال لكل ديناصور على حدة إن الآخر يتآمر
عليه ،جل َس على تل ٍة بعيد ٍة ليشاهدهم يقتلون والآفاق وخلخلة الجذور التي ظنت في نفسها
الخلود ..وتتوسل طاقة الحكاية بالسخرية والرمز
بعضهم ويهز رأسه ويضحك ..بعدها التفت إلى
بقية الكائنات وابتلعها واح ًدا بعد الآخر ونام والمفارقة وينجح التخييل في صنع استهلالات
تضمن الدخول السريع في الحكاية« :وحي ًدا
أخي ًرا وهو يح ُّس بالرضا »..ص ،66كذلك لم يعد َتم َّشى الملك في الصحراء فقادت ُه قدما ُه إلى مغارة
يليق بالغولة أن تظل رم ًزا لصنع الرعب وخلقه، الناسك ..جلس إلى جواره طوي ًل ثم سأله لماذا
إذ ربما تكون هناك فرضية أخرى تم طمسها تبتسم هكذا على الدوام فأخرج الناسك مرآ ًة
عم ًدا ،وهي أنها كائن مسكين يخفي هشاشته في من خلف ظهره ورفضها الملك وقال أعلم أنني
التخويفَ « :ف َتحت عينيها ووضعت كفيها تحت سأجد فيها أس ًدا أو ِج ْد ًيا ،كلكم تسحروننا أيها
رأسها وقالت عندهم حق ..من الغد سأخلق الغامضون »..ص ،61وتقلب الحكاية البطولة من
جانب إلى آخر حتى تسير اللعبة في اتجاهات غير
لنفسي سا ًقا جديدة وأمحو نيران عيوني وأغير معتادة« :نق َر الصغا ُر البيض َة وخرج الثعبان
ِخلقتي إلى الأجمل ..فعلت الغولة هذا وبدأت ومك َث فترة حتى استطاع الرؤية واستكشاف
تزور الأطفال وتلهو معهم وتفرح ويفرحون» المكان ..رائحة دماء الكرات الصفراء التي تتقافز
ص.67 حوله أسكرت ُه لكنه لما لاحظ ال َص َخ َب َت َر َّد َد ثم
دخ َل وسطهم ..أخذوا يلعبون ويضحكون حتى
وهكذا يمكن أن نكتشف أن ال َش َرك -وهو من ممثلي نسوا أنهم ملائكة ونس َي أن ُه شيطان »..ص،62
شرور الانسان -ربما يصاب في يوم من الأيام وقد تختلف المشاعر من الخوف والفزع المعتاد ْين
بضعف الذاكرة« :قال ال َش َرك القديم في الغابة، إلى التعامل مع الدهشة كأنها هي الثابت« :فجأة
أصبح ُت أتوه هذه الأيام وأص َب َحت حبالي سمع صو ًتا يأتي من خلفه التفت بسرعة فوجد
ضعيفة وأخشابي مقوسة »..ص ،68وربما صيا ًدا يشبهه تما ًما يجلس على مركبه ..لم
يصير هو ذاته الانسان ،أو البطل الذي يكافح ي َخف ولم يفزع بل اعتدل وجلس قبالته ..قال
لنفسه يبدو أن البحر يلهو معي فأرسل شبيهي
الفناء طول صفحات هذا الديوان الناجح في صنع
الدهشة ،وال َطموح فنيًّا وجماليًّا« :وهكذا تمضي ليؤنسني »..ص.65
بي أوقاتي ..الذكريات في النهار والحزن القاسي ربما آن الأوان لنواجه غرور الإنسان ونعود
في الليل »..ص68