Page 65 - m
P. 65
63 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
إن استراتيجيات المواجهة التي ُتش ِّمر لها الذات -5شعرية البوح ومواجهة
لا بد ستنكشف مع هذه الحبيبة التي تتأبى على النوستالجيا:
التلاشي ،بل ُتصر على كشف ضعف الذات ورغبتها ينتظم هذا المحور أكبر عدد من قصائد الديوان،
المريضة في معاودة الاقتراب« :أري ُد أن أحكي
وأتكل َم كثي ًرا ،مع حبيبتي القديم ِة التي أَ ْق َس َمت حيث تنفجر الذات بعد أن حاصرتها النوستالجيا
أنها رأتني ظ ًّل عجو ًزا ومثقو ًبا ساعة هرب ُت وتضرب في آفاق الذاكرة ل ُتخرج الزوايا القصية
من حضنها »..ص« ..44أو ُّد أن أقو َل وأقول في وتنير اللحظات المظلمة وتعيد الغائبين ولكن
ا ُيل َب ِسَّح ِّكي َنصوثتميتبوت َتسْحم َمي َّرنأ..ذ»نا ِك بعد أن تنصب مراياهم .والقصائد هيِ « :قد ِّيس
بما كان منك وما كان حبيبتي حتى أذنك يا قريتنا»»،جزيرة لقريتنا»« ،هنا السراب هنا رنين
وسأأنذ ِتك ِّر ُت ِكْر الخآينن فآكلهما الغفران»ِ « ،ق ْرب ٌة من النور»« ،كن ُت حقيق ًة وكن ُت
ل ِك« :صدقيني ص،44 ذكرى»« ،بين أصابع أمي»« ،الح ُّج لمقابر العائلة»..
بي ِت ُكم وقل ُت إن
يموحمتد ًَهماَت ْفداُتخلكيالموجنسأوكنشفيف كساشحف ِةي يعيد البطل قراءة سيرته وتاريخه الشخصي بقدر
ساعي البريد يموت وأن الصغار صاروا يعافون أكبر من القوة التي مردها فوات الزمن الذي كلما
أرغفتي ،كن ُت أريد ِك أن تقولي إنك أحببتني
توغل وفات ،ألقى بالمزيد من الرماد على التذكر
أكثر من ُح ِّب ِك للس َّقاء وال َك َّواء وبائع الأحلام»..
ص ،27أنا اليوم والآن بصر ُت بموقع ِك في بغرض الاجترار العاطفي الباهت« :أشباهي
يسقطو َن من النافذ ِة /وظلالهم تعدو »..ص،51
و َن َفخ في القدرة على مواجهة كل ما كان يستحق
لمخارفياطتجأيهاواالخنتور ُرتومهوقيعتيب:ك«يحفبييابلتحيدايلقت ِةي َهصاَرربتت المواجهة وكشف المخبوء ومن َث َّم إعادته لموقعه
هد ًفا للعفاريتَ ،ف َتحوا لها قلبها فشافتني من الحائط و على محفو ًرا أس ًدا ن«كظا َرنلالل َأول ُ ِدب المستحق:
تحت ملابسي حشر ًة سوداء تهت ُّز بلا فائدة».. أنا جبان».. قا َل رأ َس ُه و و َه َّز لما أن َج َب
ص ،48حيث أنا القادر الوحيد على التسلل لداخل ِك
ص ،5حيث تظهر للمرة الأولى أزمة الأب التي ظلت
بهيئة الحقد والكراهية ،والتي ربما هي صيغة من المح َّرمات ،وهي أزمة المسافة بين المثال والواقع،
بين الصورة المفترضة والصورة الملموسة ،وكأنما
نجاتي. ُكتب على الذات أن تنتظر كل هذه السنوات لتبوح
وبعد الأب والأم والحبيبة ،تظهر الحرب
باعتبارها هي الأصدق والأكثر حف ًرا في الروح، بما كانت تدركه ولا تجرؤ على البوح به ..ثم تظهر
الحرب بتجلياتها الحية أثناء المعارك ،والحرب الأم التي غابت مبك ًرا فلم تعد تمثل إلا مجموعة من
الحكايات« :بينما تحكي لي أمي /ال َت َهم َت ْنا صفو ُف
كذلك بتموضعها كذكرى مؤسسة وتدخلاتها النم ِل /..في بط ِن النم ْل ،غاد َر ْتنا الحكايات»..
واشتباكاتها مع أحداث السيرة وصبغها بصبغتها ص ،51كلما مر الزمن من فوقنا ومن تحنا وعبر
الخاصة« :كان أنفي ُمو َص ًدا من جبرو ِت
أرواحنا وظلالنا ،نكبر وتصير الحكايات عجو ًزا بما
الرمال ،حتى أني تذكر ُت يوم قب َض عل َّي البح ُر يهيئها للتلاشي ..ثم تظهر الحبيبة التي تخايل الذات
وخنقني »..ص ،49فيستدعى الغرق في رمال
الحرب الغرق الحقيقي الذي ما زال يعوق التنفس، طول الزمن بصور وهيئات مختلفة ،والأصعب
والعكس كذلك ،فقد تستدعي السيرة الحرب: والأكثر قسوة أنها هي التي افتتحت تعرية الذات
«كانت قدم َّي لا تستطيعان ال َس ْي َر في الضباب، وفضحها وكشف كيف أنها مجرد مثال باهت من
حتى أني تذكر ُت يوم قطعوا ساق َّي في المذبحة» سلسا ٍل ضعيف وجبان« :ثم نظر ِت في ُعمقي،
طوي ًل ..وسأل ِت بصو ٍت لي َس صو ِتك :أين نظر ِت
ص ،49وكأن مقاومة هذه الحرب ،بحمولاتها الأولى ،أيتها الصور ُة التي تهت ُّز وتهت ُّز.. ألوا ِن ِك
الرمزية ،قد لا يصلح إلا بإثبات ورصد تداخلها ك َش ْف ِتني إذن أيتها الساحر ُة ..رأي ِت لحمي عار ًيا
مع الحياة التي تمر رغم كل شيء ..وهو الأمر وملفو ًفا بلحم أبي» ص.5
الذي يستدعي الموت كأمر لا فكاك من مركزيته في