Page 62 - m
P. 62
العـدد 56 60
أغسطس ٢٠٢3
هو يشوشها بكل قوة كي تظهر الذكريات التي ويصير التعري مجا ًل للتماهي بين الروحين كما
هو بين الجسدين« :العاري يحلِّق في حصن
تظن أنها نجت باختبائها ،إنه قاد ٌر بضجيجه على
فعل الفضيحة ورشقها في العيون« :كان القطار العارية /والعاري ُة تجوب السماء» ص ،22ثم
يظهر العري كأنه هو القادر« :العرا ُة عميان/
معتا ًدا على ألا يربط القوسين ببعضهما مهما
جرى ،لهذا لم ُيعرف عنه مطل ًقا أن ُه سمح العرا ُة يشوفون» ص ،16والأنجح في صنع ال ِفخاخ
بحضن يتيم ف ليلة شاردة أو حتى قبلة في التي تشد التواريخ بعدما تستَّفت فوق أرفف
الخيال ..كان يحيا بهيئة منشار يقطع ذكريات الذاكرة وعلى جلود البشر الأقرب أصحاب العلاقات
الملتبسة بالذات« :لا تقتليني الآن /أنا عا ٍر يا
رجل يكون في النهار شب ًحا وفي المساء جي ًبا
في بنطلو ٍن مقطوع» ص ،7وتتصاعد الحكاية أمي» ص ،12وربما يكفل التعري بما يوهبه للروح
العجائبية لتكشف عن أزمة ربما كانت كلمة ال ِسر من قدرة على الانطلاق ،مجا ًل للثقة في القدرات
فيها هو ال َّش َبه الماثل في وعي البطل بينه وبين الأب، الشخصية« :أتذكر عري أبي و َج ِّدي /وأصم أذني
ومحاولة اللاوعي إفساد هذا ال َّش َبه وال ِفكاك منه: عن صراخهم» ص ،12وربما الانتقام« :أظافرنا
«إذا كان المقصود بالحكي هنا رج ًل ،فالحقيقة
أن ال َش َبه بينه وبين أبيه الضخم ،صاحب الظل تكبر في عرينا» ص ،17لقد حقق لي عريي ما كنت
الذي يتسع كلما نظرت ،عميق وملحوظ وراسخ أنشده من نور ونفاذ لبصيرتي« :يا أبي /أنا عا ٍر
أصيل /لهذا لن أعود إليك» ص ،22لهذا سيبقى
في الحكاية بامتياز ،إلا أن الأمر في السنوات التع ِّري نقطة انطلاق لحياة قادمة على مقاس الوعي
الأخيرة لم يعد يسير على هذا المنوال» ص ،7ثم الجديد الذي تحققُ « :عريي يحميني من غوائل
ي«ظجهٌدرلاال َ ِجظ ُّدلاللمهجنوولان أَ َثوركأنهس اول َأى ْولىخرببمشحااوتلةبالعهرضب: الزمن» ص ،18إذن يخرج ال ِشعر في هذا المحور من
الشرايين في جمجمة الحفيد الشبح في النهار الكشف عن الروح الخبيئة وما يستتبعه هذا الكشف
وفي المساء يكون هو الجيب السارح في هذا من تلمس للذات ومحاولة فهمها وطرح شعرية
متوترة تكافئ هذه المشاعر ،سواء عند وقوعها
البنطلون المقطوع» ص ،8وعندها نتذكر القطار في اللذة الحسية أو عند تصوير لحظات التحول
الذي رتق الحكاية بين البطل والأب والجد ،ثم الدرامي في حياة البطل.
أوصلنا لاكتشاف أن البطل هو الكولونيل العظيم
الجدير الدائم بالسخرية منه ،والذي يليق به قطار -2شعرية التحليل وتفكيك القيم:
البضاعة القبيح حيث يهرب من ضعفه وظلاله ولا وينتظم هذا المحور نصان هما« :حدي ٌث عاطف ٌّي
عن قطار بذكرى طائر»« ،نافذتي عمياء نافذتي
يتمكن من محاصرة فضيحته التي صاغها شعبه بلا سيقان» ،تعتمد فيهما الشعرية على طرح نقطة
انطلاق تتأرجح بين الواقع والخيال ،تفتح أبوا ًبا
الذي يخفي القطارات في الزروع ويلونها ويحولها متشعبة من الاحتمالات والتصورات والحكايات
الصغيرة ،الحميمة منها والسريالية ،حيث تتوسل
لطاقة للحياة. بطاقة سردية منداحة وقادرة على الحكي وجمع
التفاصيل وتفكيك القيم والمفاهيم العامة كالحب
في النص الثاني يخرج البطل من جريمة قتل والسخرية والحياة والموت والذاكرة ..إلخ في بوتقة
واحدة ..ينطلق النص الأول من القطار ،كقيمة
غامضة حدثت لجميلة الحي إلى سيرته الشخصية، رمزية تربط بين النقاط البعيدة ولكنه هنا قطار
مختلف ،في توقه للحرية وللخروج عن المرسوم
حيث يجعله القتل يقف أمام مرآته ويحاول مغادرة سل ًفا ،حيث اعتاد ألا يربط بين الأحداث بل العكس،
موقعه الدائم كجبان« :الحق كذلك أنني ج ُبنت
حتى عن إخراج رأسي ،لم أستوعب بالأساس
أكصلونصلَمة َّؤاهل ًلجرلهبسوالطعأنميرفعوظ ِثيقمل ُهعلى
فكرة أنني قد
روحي يشب ُه
ِثقل الوحي ..ربما يظن ولدي بتأثير فشلي مع ُه
في غالبية الأشياء التي تجمعنا م ًعا وغموضي
في الابتعاد والاقتراب من روحه ،بأنني من يليق