Page 66 - m
P. 66

‫العـدد ‪56‬‬                                                          ‫‪64‬‬

                                                        ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

     ‫العبادة المشرقة والفناء في الإله وقرب الأرباب‬      ‫الذاكرة لكنه يصير‪ ،‬مع كل هذا التاريخ الشخصي‬
     ‫من التفاصيل اللصيقة بالإنسان‪« :‬وهكذا نجد‬            ‫الطويل والمتداخل بلا خصوصية ولا رسوخ‪ ،‬فلا‬
  ‫ألسنتنا تنطل ُق وسط صلواتنا ل ِك‪ ،‬بالضح ِك‪/‬‬              ‫تكاد ُت َميِّز بين الموتى والأحياء‪« :‬لماذا لا يصمت‬
   ‫والحكي عن شقاوة الأطفا ِل‪ /‬ولحظات الحب‬
   ‫الحميم ِة‪ /‬مع طفلا ِتك وراقصا ِتك‪ ،‬شقيقا ِتنا‪/‬‬          ‫الموتى كي ننام‪ /..‬لماذا لا يعيدون ما سلبوه‬
  ‫الزوجات‪ /‬اللاتي يتنفسن عبير ِك في ك ِل‪ /‬رفة‬           ‫منا‪ /‬كي نحبهم وننسى تنهيد َة الارتيا ِح‪ /‬وقت‬
 ‫جسد‪ »..‬ص‪ .54-53‬وكأن البطل هنا يصنع ح ًّل‬
  ‫رمز ًّيا فنيًّا وحيًّا لإجهاد روحه الكبير جراء تعقيد‬                         ‫سقوطهم‪ »..‬ص‪.58-57‬‬
 ‫حياته وعلاقاته التي تفتقد للشفافية والصدق و َك ِّم‬
    ‫الزيف والتصنع الذي يحاصره‪ ،‬لذا يسافر عبر‬            ‫‪ -6‬شعرية الزمن الحي أو الماضي‬
‫الزمن ويقفز في ذلك الواقع العظيم الذي يمثل الجنة‬            ‫المتمثل في صورة حاضر‪:‬‬
     ‫الحقيقية‪ ..‬إن الحب العظيم السامي هو السبب‬
  ‫المباشر في سواء الإنسان وصفاء روحه وصلاح‬              ‫يمر الزمن فنتنهد مرتاحين بعدما حا َص َرنا بثقله‪،‬‬
    ‫أمره‪« :‬أنا لم ألوث ماء النهر‪ /‬أنا لم أختلس‬          ‫وحينًا نحزن على فواته ون ِح ُّن إليه ويكون المعيار‬
  ‫القرابين‪ /‬أنا لم أسرق ممتلكات المعبد‪ /‬أنا لم‬          ‫هو الحمولة الذي يمثلها هذا الزمن ودرجات‬
  ‫أفعل ال َش َّر‪ /‬أنا لم أتسبب في بكاء أحد‪ /‬أنا لم‬
                                                        ‫اقترابها من السعادة أو التحقق أو الحزن أو‬
        ‫أغوي زوجة أحد‪ /‬لأني أحبك‪ »..‬ص‪.56‬‬
    ‫إن الزمن الفرعوني بامتداداته الحضارية يمثل‬          ‫الشقاء‪ ،‬لهذا فمن الحيل النفسية التي يلجأ إليها‬
 ‫زمنًا شعر ًّيا حيًّا لا يفنى بجمالياته ورمزية عظمته‬
  ‫السارية عبر أجسادنا المنهكة‪ ،‬ومن َث َّم بصلاحيته‬      ‫البشر ‪-‬ربما بشكل لا واعي‪ -‬استدعاء لحظات‬
      ‫أن يكون ويظل هو المحفز الفني الدائم لإعادة‬
   ‫اكتشاف الذات أو بالأحرى إنقاذها من الغرق في‬          ‫توهج الذات من الذاكرة لتمثل مد ًدا لتحمل قسوة‬
                                                        ‫الحاضر‪ ..‬وتخرج الشعرية في هذه الحالة من‬
                         ‫ثقل الواقع وانكساراته‪.‬‬
                                                        ‫جماليات التماهي الكامل بين تفاصيل الزمن ْين‬
 ‫‪ -7‬شعرية الأسطورة وإعادة الخلق‬                         ‫والواقع ْين‪ ،‬والمفارقات التي تقتنص لحظا ٍت من‬
              ‫والتكوين‪:‬‬                                 ‫الكشف الذي يتوهج عند الاحتكاك القوي‪ ..‬ينتظم‬

  ‫يعود الشاعر لأصل ال ِشعر وأصل الخيال وأصل‬             ‫هذا المحور َنص واحد هو «بردية الفلاح العاشق»‬
  ‫الكون‪ ،‬لل ِسحر‪ ،‬للعجائبي والخرافي والأسطوري‪،‬‬
                                                        ‫الذي يمتد من ص‪ 53‬وحتى ص‪ ،56‬وفي هذه‬
    ‫لرعوية الشاعر والتقاطه لحروف الكون الأولى‬           ‫القصيدة نقابل بط ًل يتوق إلى الجمال الصافي‬
   ‫وأهازيجه وأصواته وروائحه الحريفة‪ ،‬لحكاياته‬
    ‫الغريبة عنا والمدهشة بالنسبة لنا الآن رغم أنها‬      ‫البسيط‪ ،‬الصادق العميق في الآن ذاته‪ ،‬فيستدعي‬
                                                        ‫لوحة جميلة من التاريخ المصري العظيم تمثل تد ُّله‬
     ‫كانت هي الحياة الاعتيادية قبل آلاف السنين‪.‬‬         ‫فلاح مصري في عشق ربة الحسن والجمال‪« :‬عم ِت‬
‫ينتظم هذا المحور َنص بعنوان «أساطير وخرافات»‬            ‫لالبإيلوهت ُةناالموقلدناس‪ُ..‬ة‪ ./.‬ل‪/‬بطحايبراتِتنأامالطما ُرحرِكوس ِة‬
 ‫يتكون من مقاطع متعددة ويمتد من ص‪ 60‬وحتى‬                                                                                     ‫مسا ًء أيتها‬
                                                                                                                             ‫وورو ُد ِك‪/‬‬
    ‫ص‪ ،68‬تعتمد على الحكايات المسرودة ببساطة‬             ‫بنظرا ِت ِك الناعسة‪ /‬وزادت في قلوبنا روائ ُح‬
     ‫ورهافة الحكي ومكره كذلك‪ ،‬حيث يعيد رسم‬              ‫بخو ِرك‪ »..‬ص‪ ،53‬واستمتاعه بدخولها لتلافيف‬
 ‫أنما ٍط فكرية ومناطق من الذاكرة صارت في وعينا‬
     ‫الجمعي من الثوابت والمقدسات‪ ،‬ولكن بعد أن‬            ‫«أري ُج‬     ‫ووعيه‪:‬‬  ‫ومعيشته وقلبه وروحه‬                             ‫حياته‬
                                                        ‫نتهادى‬       ‫ونحن‬    ‫الدائم غ َّطى خطوا ِتنا‪/‬‬                        ‫نور ِك‬

                                                        ‫مسا ًء في الحقول‪ »..‬ص‪ ،53‬بما يمثل توحي ًدا بين‬
                                                        ‫قيم الحب والجنس السامي‪« :‬أما عشقنا الصار ُخ‬
                                                        ‫لجما ِل ِك‪ /‬فمازال يمازحنا ويختبئ في لمع ِة ثمار‬

                                                            ‫القطن‪ /‬وفي ثوب الكتان الخفيف‪ ،‬المحبو ِك‬
                                                        ‫على الجسد‪ /‬كأن ُه تميم ُة حتحور التي تجو ُس‬
                                                        ‫في شوار ِع القل ِب‪ /‬حتى يضيء‪ »..‬ص‪ ،54‬مع‬
   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71