Page 71 - m
P. 71

‫‪69‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫الشعر في اليمن‬

                                                                     ‫وليد علاء الدين‬

                                                     ‫ُأذن مدلاة بلا رأس‬

                       ‫أو ضع موسيقى جنائزية‪.‬‬               ‫ضع موسيقى مناسب ًة واقرأ‪ ،‬لا تبذل جه ًدا في‬
  ‫وردة في خصلة شعر‪ .‬لا تقل إنني فاجأتك؛ تعرف‬            ‫الاختيار؛ و ِّفر الجهد لشيء آخر لا أعرف ما هو‪.‬‬

      ‫أن البنات لم يعدن يضعن الورد في شعورهن‪.‬‬                ‫كل موسيقى ستكون صالحة‪ ،‬ولا تسأل لم!‬
   ‫لم يعد لديهن شعور! لم يعد لديهن شعر‪ .‬لم يعد‬          ‫امرأة تهبط ال َد َر َج‪َ .‬د َر ٌج يتدلى من السقف‪ .‬سق ٌف‬
                                                       ‫يلعب لعبة الاختفاء‪ ،‬كنا نسمي هذه اللعبة «عسكر‬
      ‫شعرهن صال ًحا للورد! لم تعد الورود صالحة‬        ‫وحرامية»‪ ،‬على «الحرامي» أن يختبئ وعلى العسكر‬
  ‫لشعر البنات‪ .‬لم يعد شعر البنات صال ًحا‪ ..‬سوف‬         ‫إيجاده‪ .‬السقف يختفي عندما يظهر العسكر‪ ،‬فماذا‬
‫أتركك تهذي هكذا‪ ،‬وتخلط بين ال َّشعر والشعور‪ ،‬بين‬
   ‫ال ِّشعر وال َّشعر‪ ..‬أعرف أنك لن تنجح في استكمال‬                                   ‫يفعل اللصوص؟‬
‫لعبة الاحتمالات‪ ،‬تحتاج السباحة في البحر إلى رئتين‬         ‫غيِّر الموسيقى الآن‪ ،‬أو أعد تشغيلها من الدقيقة‬
                                                     ‫الخامسة والعشرين‪ ،‬لا تبذل أي جهد في الأمر‪ ،‬وفر‬
      ‫قويتين وكفين مفلطحتين وفخذين عضليتين‪.‬‬
    ‫غيِّر الموسيقى الآن‪ ،‬غيِّر الموسيقى ولا تتفلسف‪.‬‬                      ‫الجهد لاختفا ٍء ربما ُنضطر له‪.‬‬
                                                      ‫سيدة في نافذة قطار‪ .‬قطار يتلوى في محطة‪ .‬محطة‬
         ‫رجل بكتفي حصان‪ ،‬وأذن مدلاة بلا رأس‪.‬‬
‫هذه تحتاج إلى موسيقى لبيكاسو‪ .‬لا تتثاقف‪ .‬أعرف‬                        ‫تنتظر وصول القطار‪ ،‬أو مغادرته‪.‬‬
 ‫أن بيكاسو كان مجرد رسام‪ ،‬يعجز عن صنع نغمة‬                            ‫متى تتخذ المحطات قرارات مهمة؟‬
                                                      ‫تصحو مبك ًرا ‪-‬مث ًل‪ -‬فتقرر أنها لن تنتظر‪ .‬تصرخ‬
   ‫واحدة‪ ،‬ولكنني الآن لن أرضى سوى بسيمفونية‬            ‫في وجه القطار المقبل فيتوقف بعي ًدا عنها ويمنحها‬
 ‫وضعها بيكاسو قبل رحيله بسبع وعشرين ساعة‪،‬‬              ‫بعض الوقت للتجمل‪ .‬ترفض استقبال الركاب على‬
                                                          ‫أرصفتها وتمنحهم تأشيرات لجوء إلى الحدائق‬
    ‫زاره ملا ُك الموت‪ ،‬كان وحي ًدا في مرسمه‪ ،‬يشعر‬      ‫الخلفية في الجوار‪ .‬تلعب دور القطار لمرة‪ .‬تشترط‬
      ‫بالضعف وقلة الحيلة‪ ،‬يسترجع كل رسوماته‬          ‫نوعية الأحذية التي لا تتوقف عن فرك ظهرها‪ .‬تضع‬
     ‫ويتمنى لو يبادل بها مقطوعة موسيقية وحيدة‬           ‫عوازل في أذنيها وتستغرق في مشاهدة الماتش إلى‬
      ‫يؤلفها ويبثها كل ما هرب منه في الألوان‪ .‬لكن‬     ‫جوار القط العجوز في الكافيه‪ .‬تستمتع برائحة عطر‬

 ‫بيكاسو لم يمت‪ .‬أعني‪ ..‬لم يزره ملا ُك الموت‪ ،‬أقصد‬                              ‫السيدة في نافذة القطار‪.‬‬
                              ‫لم يحدث هذا الأمر‪.‬‬     ‫السيدة تنتظر القطار‪ ،‬القطار لا يعبأ بالمحطة‪ ،‬المحطة‬

     ‫إذن سوف أنتظر حدوثه‪ ،‬سأنتظر كامرأة تهبط‬                                ‫لا تعرف كيف تتخذ القرار‪.‬‬
    ‫الدرج‪ ،‬كسيدة في نافذة قطار‪ ،‬كوردة في خصلة‬         ‫الوقت مناسب لاستبدال الموسيقى‪ ،‬استعد للرقص‪،‬‬

                      ‫شعر‪ .‬كرجل بكتفي حصان‪.‬‬
                            ‫كأذن مدلاة بلا رأس‪.‬‬
   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76