Page 6 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 6

‫العـدد ‪37‬‬                                      ‫‪4‬‬

                                                 ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

      ‫ثمة اختلافات بين الليبراليين في‬            ‫افتتاحية‬
 ‫هذه الفترة حول قيمة كتاب «الإسلام‬
                                                 ‫سمير درويش‬
     ‫ونظام الحكم» باعتبار أنه لم يأ ِت‬
  ‫بجديد‪ ،‬لكن ما أردت التعرض له هو‬                ‫رئيس التحرير‬
   ‫التداخل بين السياسي والديني لدى‬
   ‫المشتغلين بالدين أنفسهم‪ ،‬وكيف‬                 ‫“الإسلام ونظام الحكم”‪..‬‬
    ‫يقبلون أن يكونوا أداة الحاكم في‬
‫البطش بخصومه السياسيين متى أراد‬                  ‫حين أدار الملك عملية فصل‬
   ‫منهم القيام بهذا الدور‪ ،‬إضافة إلى‬             ‫“علي عبد الرازق”!‬
  ‫تبدل المواقف والدفاع عنها بأسانيد‬
‫من التراث ‪-‬ومن النصوص نفسها‪ -‬رغم‬

                 ‫تعارض هذه المواقف!‬

  ‫«زمرة العلماء»‪ ،‬ومنعه من تولي أي منصب‬            ‫في عام ‪ 1926‬لم يكن على طه حسين إلا‬
‫ديني‪ ،‬بما في ذلك فصله من مهنته في القضاء‪،‬‬
                                                     ‫أن يذهب إلى وكيل النائب العام‪ ،‬المحقق‬
       ‫فض ًل عن قرار مصادرة الكتاب ومنع‬          ‫محمد نور‪ ،‬لكي يقول إنه لم يقصد الإساءة‬
  ‫تداوله‪ ..‬وقد تم تنفيذ الحكم رغم معارضة‬
  ‫وزير الحقانية عبد العزيز فهمي‪ ،‬الذي كان‬             ‫إلى الإسلام‪ ،‬أو إنكار المعلوم من الدين‬
‫عبد الرازق يعمل بوزارته قاضيًا شرعيًّا‪ ،‬فقد‬        ‫بالضرورة‪ ،‬وإنه ما قصد إلا وجه البحث‬
   ‫تدخل الملك فؤاد الأول بنفسه وأقال وزير‬         ‫العلمي‪ ،‬لكي يبرئه المحقق ويحفظ القضية‪،‬‬
  ‫الحقانية المعترض‪ ،‬وهو ما أدى إلى استقالة‬       ‫وهو ما ُيشت ُّم منه أن توجي ًها صدر بإنهائها‬
   ‫وزراء ثلاثة اعتبروا تدخل الملك اعتدا ًء على‬    ‫دون أضرار‪ .‬في حين أنه ق ْبلها بعا ٍم واح ٍد‪،‬‬
  ‫السلطة التنفيذية‪ ،‬هم‪ :‬وزير الأوقاف محمد‬           ‫في ‪ ،1925‬أقام الأزهر الدنيا ولم يقعدها‬

    ‫علي علوبة‪ ،‬ووزير الزراعة توفيق دوس‪،‬‬                ‫ضد علي عبد الرازق (‪)1966 -1888‬‬
 ‫ووزير الداخلية إسماعيل صدقي‪ ،‬فتم تعيين‬            ‫وكتابه «الإسلام وأصول الحكم»‪ ،‬لدرجة‬
                                                     ‫أنه ش َّكل لجنة محاكمة أطلق عليها اسم‬
    ‫أربعة وزراء آخرين و ُن ِّف َذ الحكم! وهو ما‬    ‫«هيئة كبار العلماء»‪ ،‬اجتمعت به وساءلته‬
‫يوضح درجة الشدة التي قوبل بها «الإسلام‬             ‫صور ًّيا‪ ،‬وأصدرت حك ًما عاج ًل عليه دون‬
‫وأصول الحكم»‪ ،‬مقابل «التهاون» الذي قوبل‬              ‫إعطائه الفرصة كاملة للدفاع عن نفسه!‬
‫به «في الشعر الجاهلي»‪ ،‬رغم أن الأول تعرض‬
                                                        ‫كان يبدو أن الحكم تم تجهيزه قبل‬
    ‫لموضوع هامشي ليس من صلب العقيدة‪،‬‬             ‫المحاكمة‪ ،‬وهو فصل عبد الرازق من الأزهر‪،‬‬
  ‫بينما الثاني انطلق من أرضية نزع القداسة‬
  ‫عن كل نص مقدس ليستقيم البحث العلمي‪.‬‬             ‫وتجريده من شهادة العالمية‪ ،‬وإخراجه من‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11