Page 8 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 8

‫العـدد ‪37‬‬                                    ‫‪6‬‬

                                               ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

‫الفكرية‪ ،‬معت ًّدا برأيه‪ ،‬ولم يكن يقبل أن يكتب‬     ‫طلب فيه فصل عبد الرازق من وظيفته في‬
  ‫له أحد أو ينتحل ما أنتجه غيره من معرفة‬        ‫القضاء”‪( .‬خالد بشير‪ ،‬موقع حفريات‪/21 ،‬‬
                                 ‫وأفكار»‪.‬‬
    ‫وبغض النظر عن أن «قراءة مسودة» أي‬                ‫‪ ،)2018 /10‬وهو ما يوضح أن «حفظ‬
   ‫كتاب‪ ،‬وإثبات بعض الملاحظات التي يرى‬                ‫الدين» لم يكن الهدف الوحيد للشيخ!‬
     ‫صاحبها أنها تستوجب التعديل‪ ،‬لا ُتع ُّد‬
                                                    ‫وما يؤكد وجود مساحة غير حاسمة في‬
‫(شراكة) في التأليف‪ ،‬فهذا الأمر يفعله معظم‬          ‫التأويل‪ ،‬أنه رغم أن علي عبد الرازق تولى‬
   ‫الكتاب فيما بينهم‪ ،‬فإن هذا الرأي ينطوي‬        ‫‪-‬بعد الأزمة‪ -‬مناصب وزارية وعلمية‪ ،‬كما‬
     ‫على تر ُّبص َقصد تحريف المعنى للإيهام‬         ‫انتخب عض ًوا في مجلس النواب‪ ،‬ثم دخل‬
                                                   ‫مجلس الشيوخ‪ ،‬فإن بعض المنتسبين إلى‬
 ‫بأمرين‪ :‬الأول أن علي عبد الرازق ليس كف ًؤا‬    ‫التيار الإسلامي لا يزالون يشككون في منهج‬
   ‫وحده لتأليف الكتب‪ ،‬رغم أنه حاضر طلبة‬          ‫الكتاب والنتيجة التي وصل إليها‪ ،‬وهي أنه‬
                                                    ‫ليس ثمة نظام محدد للحكم في الإسلام‪،‬‬
‫الدكتوراه في جامعة القاهرة عشرين عا ًما في‬         ‫فهناك كتب ومقالات كثيرة عارضته وما‬
‫مصادر الفقه الإسلامي‪ ،‬وله عدد من الكتب‪،‬‬           ‫زالت حتى يومنا هذا‪ ،‬بل تخطوا موضوع‬
 ‫منها‪“ :‬أمالي علي عبد الرازق”‪“ ،‬الإجماع في‬        ‫الكتاب إلى شخص مؤلفه‪ ،‬فقد أورد تقرير‬
‫الشريعة الإسلامية»‪“ ،‬من آثار مصطفى عبد‬            ‫نشرته وكالة رويترز في ‪ 24‬ديسمبر عام‬
‫الرازق”‪ .‬والثاني أن هناك (شلة) أو (جماعة‬
‫منظمة) تعمل بشكل متساند ومتكاتف هدفها‬                ‫‪ ،2009‬في تغطيته لندوة عقدتها مكتبة‬
                                               ‫الإسكندرية تحت عنوان «في الفكر النهضوي‬
     ‫الإضرار بالإسلام‪ ،‬واختيار طه حسين‬
   ‫جاء على أرضية مناكفاته العلمية المعلنة في‬      ‫الإسلامي”‪ ،‬قول الدكتور محمد عمارة إن‬
  ‫موضوع التراث‪ ،‬حيث معرو ٌف أنه لا يقبل‬          ‫“الكتاب (شركة) بين طه حسين وعلي عبد‬
  ‫كل ما جاء به‪ ،‬وقد ع َّرضه ذلك للأذى أثناء‬      ‫الرازق”‪ ،‬وقال إن “هناك عدة قرائن على أن‬
    ‫دراسته في الأزهر‪ ،‬وامتنعت المشيخة عن‬
  ‫إعطائه شهادة العالمية‪ ،‬مما جعله يذهب إلى‬         ‫عبد الرازق ليس مؤل ًفا للكتاب‪ ،‬منها قول‬
                                                    ‫طه حسين إنه قرأ مسودته ثلاث مرات‬
    ‫الجامعة الأهلية حين افتتحت عام ‪1908‬‬          ‫وأضاف إليه وحذف منه وهذا كا ٍف لإثبات‬
                ‫ليحصل على الشهادة منها‪.‬‬           ‫أن عبد الرازق ليس وحده مؤلف الكتاب”‪.‬‬
                                                  ‫وهو الأمر الذي دحضه د‪.‬عمار علي حسن‬
      ‫أخي ًرا‪ ..‬فثمة اختلافات بين الليبراليين‬     ‫في ورقته للندوة نفسها‪ ،‬حيث أكد أنه «من‬
  ‫أنفسهم في هذه الفترة حول قيمة «الإسلام‬       ‫الصعب ‪-‬إن لم يكن من المستحيل‪ -‬أن يكون‬
                                                    ‫طه حسين هو المؤلف الحقيقي‪ ،‬لأسباب‬
    ‫ونظام الحكم» باعتبار أنه لم يأ ِت بجديد‪،‬‬      ‫منها أن الأسلوب أو بنية الجملة في الكتاب‬
   ‫بل ساهم في ترسيخ بعض الأمور العقدية‬            ‫تختلف تما ًما عن أسلوب حسين الذي كان‬
                                                ‫يحمل سمات شفاهية ظاهرة‪ ،‬نظ ًرا لأنه كان‬
       ‫المختلف حولها انطلا ًقا من معارضته‬        ‫يملي كتبه ولا يخطها‪ ..‬وهذه مسألة لا نعثر‬
     ‫للخلافة‪ ،‬ولكن ‪-‬إضافة إلى أن هذا ليس‬            ‫عليها إطلا ًقا في طريقة وأسلوب علي عبد‬
  ‫مه ًّما في هذا المقام‪ -‬فإن ما أردت التعرض‬    ‫الرازق الذي نألفه في كتبه وأبحاثه الأخرى”‪.‬‬
  ‫له هو التداخل بين السياسي والديني لدى‬           ‫وأضاف “أن طه حسين الذي كان معرو ًفا‬
    ‫المشتغلين بالدين أنفسهم‪ ،‬وكيف يقبلون‬       ‫بالشجاعة والاعتداد بالرأي لم يكن بحاجة إلى‬
  ‫أن يكونوا أداة الحاكم في البطش بخصومه‬          ‫التخفي وراء أحد ليطلق أفكاره‪ ،‬وفي الوقت‬
                                                ‫نفسه كان عبد الرازق مكتمل القيمة والقامة‬
      ‫السياسيين متى أراد منهم القيام بهذا‬
‫الدور‪ ،‬إضافة إلى تبدل المواقف والدفاع عنها‬
‫بأسانيد من التراث ‪-‬ومن النصوص نفسها‪-‬‬

                 ‫رغم تعارض هذه المواقف!‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13