Page 10 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 10

‫العـدد ‪37‬‬   ‫‪8‬‬

                                                    ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

‫د‪ .‬محمد عليم(‪)1‬‬

‫محمد السيد إسماعيل‪..‬‬

‫تحولات التجربة‬

‫منجز محمد السيد إسماعيل وما طرأ عليه من تحولات يستحق وقفات‬
‫أكبر‪ ،‬ولولا خصوبة هذا المنجز‪ ،‬ما أتيحت لنا كل هذه المحاور‬
‫للتحدث فيها‪ ،‬ونخلص منها ونخرج يصاحبنا شعور ضاغط بأننا لم‬
‫نقل شي ًئا ذا بال‪ .‬لقد بدأت تجربة الشاعر فتية ناضجة عميقة‪ ،‬ولم‬
‫يكن قد جاوز العشرين من عمره‪ ،‬واستوت على ذروتها وهو على‬
‫مشارف الستين‪ ،‬ولا يزال لديه الكثير كما أتوقع‪ ،‬وما ذاك إلا لإيمانه‬
‫بدوره وأثره‪ ،‬وإخلاصه وتحمله أعباء الرحلة‪ ،‬مؤم ًنا بالإنسان الفاعل‬
‫القادر ومراه ًنا عليه‪.‬‬

    ‫اكتنازها‪ ،‬ومن التخييل الجزئي إلى براح المشهد‬                    ‫مدخل‬
‫الشعري الممتد‪ ،‬ومن ضمائر الخطاب بأنواعها كافة‬
‫إلى السرد القصصي الدرامي داخل النص الشعري‪،‬‬             ‫قليلة هي التجارب الشعرية التي تولد حاملة‬
 ‫ومن المطلق على مستويي الزمن والمكان إلى المحدد‬
‫تحدي ًدا صار ًما‪ ،‬ومن النص الطويل الممتد إلى النص‬   ‫سماتها الأساسية‪ ،‬وتلك التي ستطرأ عليها تحولات‬
                                                    ‫كبرى لاحقة‪ ،‬وتجربة الشاعر الدكتور محمد السيد‬
    ‫الإشاري المكتنز الذي يضمر أكثر مما يظهر أو‬
     ‫ما يمكن تسميته بالـ (ميتا نص)‪ ،‬أو ما سماه‬         ‫إسماعيل مثال خصب لتلك القلة القليلة‪ ،‬فديوانه‬
‫تشومسكي «المرجع الذي يعود إليه المتكلم والسامع‬      ‫الأول (كائنات في انتظار البعث) الذي ضم نصو ًصا‬
‫أثناء الحدث الكلامي‪ ،‬وأن هذا المرجع قائم في ذهن‬
  ‫كل منهما»(‪ ،)2‬وكان ذلك جميعه شواهد على ثراء‬           ‫كتبت خلال الأعوام (‪)1987 -1981‬؛ يحمل ما‬
‫تلك التجربة الشعرية منذ بدايتها قبل أربعين عا ًما‪،‬‬    ‫يشي بنضج عال لتجربته الشعرية الطالعة‪ ،‬سواء‬

                                      ‫ومازالت‪.‬‬           ‫من حيث عمق الرؤية الشعرية المصوغة بكثير‬
                                                          ‫من الجموح والاحترافية‪ ،‬أو من حيث المقدرة‬
                 ‫(‪)1‬‬                                 ‫العالية على سبك الجملة الشعرية‪ ،‬مهما كان المقول‬
                                                          ‫الشعري الذي يدور حوله النص‪ ،‬من دون أن‬
   ‫ربما لن نجد صعوبة كبيرة في تصنيف الشاعر‬
         ‫وفق مقوله الشعري‪ ،‬أي معرفة انحيازاته‬                             ‫يفارق نسق الوزن التفعيلي‪.‬‬
                                                     ‫لكن الشاعر لم يركن إلى ما بدأ به وجلاه وحسب‪،‬‬
       ‫الموضوعاتية من خلال نصوصه المشبعة في‬
                                                       ‫بل طال تجربته الشعرية عدد من التحولات على‬
                                                      ‫صعيد الخطاب الشعري‪ ،‬بد ًءا من طول الجملة إلى‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15