Page 15 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 15

‫‪13‬‬                ‫إبداع ومبدعون‬

                  ‫رؤى نقدية‬

                                                                           ‫كأن يدخل الشاعر الحكاية‬

                                                                           ‫القصصية في نصه‬

                                                                           ‫الشعري وبالعكس‪،‬‬
                                                                           ‫عاد ًل عن النمو التقليدي‬

                                                                           ‫لمقاصده‪ ،‬إلى حوارية‬

                                                                           ‫بين طرفين تتخلل‬

                                                                           ‫م ّد القصيدة‪ ،‬وعندما‬
                                                                           ‫تأتي على هذا النحو‪،‬‬

                                                                           ‫تقوم بعملية اختزال‬

                                                                           ‫مفهومي يسرع من‬

                                                                           ‫وتيرتها‪ ،‬وتضفي على‬

                                                                           ‫نقلات النص نو ًعا من‬
                                                                           ‫الحيوية على مستوى‬

                                                                           ‫التلقي‪ ،‬ينفتح معها‬

                                                                           ‫النص أكثر‪ ،‬لننظر نص‬

‫نعوم تشو ِم ْسكي‬  ‫محمد السيد إسماعيل‬                 ‫سعد مصلوح‬             ‫(الكلام الذي يقترب)‬
                                                                             ‫(‪ ،)15‬إذ يبدأ بإقرار‬

 ‫صعوده‪ ،‬فتصعد التجربة فنيًّا فيما يشبه التجاوب‬       ‫عدد من الحقائق من منظور الشاعر حول الموت‬
 ‫بانسجام النص واستوائه‪ ،‬وينتقل السرد الشعري‬
  ‫من حالة تقطيع الأسطر إلى حالة تدوير عنيفة في‬       ‫(الطواويس للموت‪ /‬تلك هي الرأفة الدانية)‪،‬‬
  ‫تناص يتجانس مع آيات قرآنية لا تخطئها العين‪،‬‬
                                                     ‫وفيما يشبه صوفية المناجاة في حال خاصة تنتهي‬
     ‫ولا تخلو من مغزى (والتفت الساق بالساق‬
    ‫وحشر الذين يؤمنون والذين لا يؤمنون إلى‬           ‫بشروده؛ يبدأ حوار بين الشاعر وآخر على إثر حالة‬
 ‫طواغيتهم أخلا ًطا أخلا ًطا سود الوجوه‪ /..‬وما‬
    ‫هو بضارهم شي ًئا ولا نافعهم إلا أن يشاؤوا‬                                                  ‫من التأمل‪:‬‬
 ‫وما يشاؤون إلا قليلا‪ ،)../‬وفيما يشبه التوازن؛‬
  ‫يرتد النص في نهايته إلى إيقاع البداية‪ ،‬واض ًعا ما‬                        ‫‪ -‬أي وقت يعريك؟‬
    ‫يشبه الخلاصة للتجربة التي توهجت طوي ًل في‬                              ‫‪ -‬وق ٌت له هام ٌة كالشياطين‬
 ‫أفق الشاعر الذي رأى‪ ،‬بين قوسي البداية والنهاية‬                     ‫‪ -‬هل تربط الموت في نخلة قرب بابك؟‬
   ‫على هذا النحو المدهش (ربما ساقني الموت منذ‬
‫الصباح‪ /‬ولكنني فر ٌح بالكلام الذي‪ /‬يقرب الآن‬                        ‫‪ -‬بل سوف أصحبه في الطريق‬

                        ‫‪-‬في ثقة‪ -‬من ظنوني)‪.‬‬                                                    ‫‪ -‬وتؤمل؟‬
  ‫إن الشواهد الماضية على الاستفهامات والحوارات‬                             ‫أملت في الوقت وقتًا طوي ًل‬
   ‫لا يجب أن ينظر إليها في ذاتها‪ ،‬بل في سياق من‬                     ‫‪ -‬بلا ٌء تخ ّيرني ذات ليل وأدمنته‬
 ‫التأويل الكلي للنص‪ ،‬أحاول هنا تقديم صورة عامة‬                                               ‫‪ -‬قان ًعا؟‬
                                                                           ‫‪ -‬وأربيه حتى يكون رفي ًقا‬
    ‫له‪ ،‬وأول الإجراءات هو تقسيم النص‪ ،‬إن دعت‬
 ‫الضرورة بالطبع‪ ،‬حتى وإن لم يكن مق َّس ًما بوضع‬      ‫عم مساء إذن واترك الغرفة الطائشة‪..‬‬
 ‫الشاعر‪ ،‬والتقسيم يقوم على عدد من الأسس‪ ،‬منها‬
                                                     ‫تنتهي الحوارية الأولى على ثبات القناعات الجوانية‬

                                                     ‫للشاعر حول الموت‪ /‬المصير‪ /‬المآل‪ ،‬يتبعها مقطع‬

                                                     ‫فويوعشيًار ٍك‬  ‫صلابة‬  ‫فيه الشاعر أكثر‬     ‫شعري يخرج‬
                                                                    ‫(كنت‬   ‫انفتا ًحا وحما ًسا‬  ‫بموقفه‪ ،‬وأكثر‬

                                                     ‫لا أعالجه غير أني‪ /‬سأفتح نافذتي عند أول‬

                                                     ‫خطوي)‪ ،‬لتبدأ الحوارية الثانية‪ ،‬عندئذ يكون النص‬

                                                     ‫قد ارتقى درجات أعلى‪ ،‬متلب ًسا حال الشاعر في‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20